وعلى نجران أبا سفيان ، وعلى مكة عتّاب بن أسيد ، وعلى الطائف : عثمان بن أبي العاص ، وعلى البحرين : العلاء بن الحضرمي. ولا خلاف في أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليّا وطلحة والزبير وعمّار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبا عبيدة ، وابن مسعود وبلالا ، وأبا ذرّ أفضل ممن ذكرنا ـ فصح يقينا أنّ الصفات التي تستحقّ بها الإمامة والخلافة ليس منها التقدّم في الفضل.
وأيضا : فإنّ الفضائل كثيرة جدّا ، منها الورع ، والزهد ، والعلم ، والشجاعة ، والسخاء ، والحلم ، والعفة ، والصّبر ، والصرامة ، وغير ذلك ، ولا يوجد أحد يبين في جميعها ، بل يكون بائنا في بعضها ومتأخّرا في بعضها ، ففي أيّها يراعي الفضل من لا يجيز إمامة المفضول؟!
فإن اقتصر على بعضها كان مدّعيا بلا دليل ، وإن عم جميعها كلف ما لا سبيل إلى وجوده أبدا في أحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فإذ لا شك في ذلك ، فقد صح القول في إمامة المفضول ، وبطل قول من قال غير ذلك ، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد : وذكر الباقلانيّ في شروط الإمامة أنها أحد عشر شرطا وهذا أيضا دعوى بلا برهان ، وما كان هكذا فهو باطل ، فوجب أن ينظر في شروط الإمامة التي لا تجوز الإمامة لغير من هي فيه. فوجدناها أن يكون صليبه من قريش لإخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أن الإمامة فيهم (١).
وأن يكون بالغا مميزا لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رفع القلم عن ثلاثة» (٢). فذكر الصبي حتى يحتلم ، والمجنون حتى يفيق. وأن يكون رجلا ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة» (٣).
__________________
(١) رواه بلفظ : «الأئمة من قريش» الإمام أحمد في المسند (٣ / ١٢٩ ، ١٨٣ ، ٤ / ٤٢١).
(٢) تمام الحديث : «رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل» روي من حديث علي وعائشة. رواه البخاري في الطلاق باب ١١ ، والحدود باب ٢٢. وأبو داود في الحدود باب ١٧. والترمذي في الحدود باب ١. والنسائي في الطلاق باب ٢١. وابن ماجة في الطلاق باب ١٥. والدارمي في الحدود باب ١. وأحمد في المسند (١ / ١١٦ ، ١١٨ ، ١٤٠ ، ١٥٥ ، ١٥٨ ، ٦ / ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٤٤).
(٣) رواه من حديث أبي بكرة البخاري في المغازي باب ٨٢ ، والفتن باب ١٨. والترمذي في الفتن باب ٧٥. والنسائي في القضاة باب ٨. بلفظ : «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة». ورواه بلفظ : «أسندوا» الإمام أحمد في المسند (٥ / ٣٨ ، ٤٧).