وأن يكون مسلما ، لأن الله تعالى يقول : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [سورة النساء : ١٤١].
والخلافة أعظم السبل ، ولأمره تعالى بإصغار أهل الكتاب ، وأخذهم بأداء الجزية ، وقتل من لم يؤمن من أهل الكتاب حتى يسلموا.
وأن يكون منفّذا لأمره ، عالما بما يلزمه من فرائض الدين ، متّقيا لله تعالى بالجملة ، غير معلن بالفساد في الأرض لقول الله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [سورة المائدة : ٢].
لأنّ من قدّم من لا يتّقي الله عزوجل ، ولا في شيء من الأشياء ، أو معلنا بالفساد في الأرض غير مأمون ، أو من لا ينفّذ أمرا ، أو من لا يدري شيئا من دينه ، فقد أعان على الإثم والعدوان ، ولم يعن على البرّ والتقوى وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» (١).
وقال عليهالسلام : «يا أبا ذر إنّك ضعيف فلا تأمرّنّ على اثنين ، ولا تولّينّ مال يتيم» (٢) وقال تعالى : (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً) [سورة البقرة : ٢٨٢].
فصحّ أنّ السفيه والضعيف ومن لا يقدر على شيء فلا بدّ له من ولي ، ومن لا بدّ له من ولي فلا يجوز أن يكون وليا للمسلمين. فصح أن ولاية من لا يستكمل هذه الشروط الثمانية باطل لا يجوز ، ولا ينعقد أصلا.
ثم يستحبّ أن يكون عالما بما يخصه من أمور الدين ، من العبادات والسياسة والأحكام ، مؤدّيا للفرائض كلها لا يخل بشيء منها ، مجتنبا لجميع الكبائر سرّا وجهرا ، مستترا بالصغائر إن كانت منه.
فهذه أربع صفات يكره أن يلي الأمر من لم ينتظمها ، فإن ولي فولايته صحيحة ونكرهها ، وطاعته فيما أطاع الله فيه واجبة ، ومنعه مما لم يطع الله فيه واجب. والغاية المأمولة فيه : أن يكون رفيقا بالنّاس غير ضعيف ، شديدا في إنكار المنكر من غير
__________________
(١) رواه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة باب ٢٠ ، والبيوع باب ٦٠ ، والصلح باب ٥. ومسلم في الأقضية حديث ١٧ ، ١٨. وأبو داود في السنّة باب ٥. وابن ماجة في المقدمة باب ٢. وأحمد في المسند (٢ / ١٤٦).
(٢) رواه مسلم في الإمارة حديث ١٧ ، وأبو داود في الوصايا باب ٤.