[٧٥] (وَما لَكُمْ) استفهام إنكار (لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَ) في سبيل إنقاذ (الْمُسْتَضْعَفِينَ) من أيدي المستغلين (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) جمع ولد (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) مكة (الظَّالِمِ أَهْلُها) فإن أهل مكة كانوا مشركين ظالمين (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) من عندك (وَلِيًّا) يلي أمرنا (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) ينصرنا على الظالمين ، أي قاتلوا في سبيل إنقاذ المسلمين المستضعفين من أهل مكة.
[٧٦] (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) لنصرة دينه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) لأجل تقوية الطغيان (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) أصدقاءه وهم الكفار (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) أي مكره وخداعه (كانَ ضَعِيفاً) فلا بد وان تغلبوا عليهم.
[٧٧] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) أي بعض المسلمين حيث كانوا في مكة يستأذنون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قتال الكفار فلا يأذن لهم ، فلما أمرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المدينة بالقتال ، خافوا (قِيلَ) القائل هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) لا تبسطوها بالقتل (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) فإن التكليف في مكة كان صلاة وزكاة (فَلَمَّا كُتِبَ) أمروا في المدينة (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ) جماعة (مِنْهُمْ) أي من الذين كانوا يريدون القتال (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) فإنهم يخافون أن يقتلوا على أيدي الكفار كما يخافون أن يموتوا بأمر الله (أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ) اعتراض على حكم الله (لَوْ لا) هلّا (أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ) مدة (قَرِيبٍ) وذلك لاستزادة العمر وتبعيد المكروه حسب الإمكان (قُلْ) يا محمد لهم (مَتاعُ) أي ما يستمتع به (الدُّنْيا قَلِيلٌ) فما فائدة بقائكم (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى) الكفر والعصيان (وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) هو ما في شق النواة من الخيط الدقيق.
[٧٨] (أَيْنَما تَكُونُوا) في أي مكان كنتم (يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ) حصون (مُشَيَّدَةٍ) قد شيدت وبنيت باستحكام ، إذا فما فائدة فراركم من الجهاد ، لحب البقاء فإنكم ميتون لا محالة (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) أي المنافقين (حَسَنَةٌ) نعمة (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) نعمة وبلاء (يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) أي من جهتك يا محمد (قُلْ) يا رسول الله لهم (كُلٌ) من الحسنة والسيئة (مِنْ عِنْدِ اللهِ) صادر من الله فإن الله خطّط وحكم بهذه الأشياء ، وإن كان للإنسان مدخل في الأمور الاختيارية منها أيضا (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ) ما شأن هؤلاء المنافقين (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) لا يقاربون فهم كلام صحيح ، كما لا يفهمون كون الله هو المقدّر لكل من الحسنة والسيئة.
[٧٩] (ما أَصابَكَ) أيها الإنسان (مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ) تفضلا ، فلو لا فضله لم يعطك تلك النعمة (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) لأنك السبب في تلك السيئة ، وهذا لا ينافي الآية السابقة ، إذ مقدّر السيئة هو الله ولكن بسبب الإنسان ، فمثلا ان الإنسان إذا لم يتورع أكل الطعام الضار أصابه المرض بسبب نفسه وبإنزال الله المرض عليه (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) فإن شأنك الرسالة ولا ربط لك بما تصيبهم من السيئات (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) شاهدا على رسالتك.