[٦] (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) يطلبون منك العذاب ، قبل أن يطلبوا الرحمة ، وذلك استهزاء (وَ) الحال إنه (قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) عقوبات أمثالهم من المكذبين فلما ذا لا يعتبرون بها (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) لأنفسهم (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) فكيف لا يطلبون الرحمة ويطلبون العذاب.
[٧] (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ) مثل ناقة صالح عليهالسلام وعصا موسى عليهالسلام (مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) لهم فيكفي أن تأتيهم بما تثبت به نبوتك من المعجزات لا بما يقترح هؤلاء (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) قسم خاص من الهادي يزود بقسم خاص من المعجزات التي تلائم عصره.
[٨] (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) من الولد والبنت ، الجميل والقبيح ، السعيد والشقي ، إلى غيرها من الأوصاف (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) تنقص (وَما تَزْدادُ) من صغر جثة الجنين وكبرها ، كأن الرحم غاضت ولذا صغر الولد ، أو ازدادت ولذا كبر (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) لا يتجاوزه صغرا ولا كبرا.
[٩] (عالِمُ الْغَيْبِ) ما غاب عن الحواس (وَالشَّهادَةِ) ما كان محسوسا (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) العالي.
[١٠] (سَواءٌ) عند الله وفي علمه (مِنْكُمْ) متعلق بما بعده (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) في نفسه (وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) أظهره (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) مستتر بظلمته (وَسارِبٌ) سالك طريقه ، من سرب إذا برز (بِالنَّهارِ).
[١١] (لَهُ) لكل واحد من أولئك الأربعة (مُعَقِّباتٌ) ملائكة يتعاقبون في حفظه (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أمامه (وَمِنْ خَلْفِهِ) ورائه (يَحْفَظُونَهُ) من المهالك حفظا ناشئا (مِنْ أَمْرِ اللهِ) فإن الله يأمر بذلك (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) فإذا غيروا أحوالهم الحسنة إلى السيئة غير الله ما بهم من الرخاء إلى الشدة ، وكذا العكس (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً) لأنهم عملوا الآثام (فَلا مَرَدَّ لَهُ) أي لا يرد ما أراد بهم من سوء كالبلاء (وَما لَهُمْ) لذلك القوم (مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) يلي أمورهم.
[١٢] (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) من الصواعق والأمطار المخربة (وَطَمَعاً) في الأمطار النافعة (وَيُنْشِئُ) يخلق (السَّحابَ الثِّقالَ) بالمطر.
[١٣] (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) فإن للرعد تسبيح لله وتنزيه له ، لأن كل شيء دال على الله سبحانه منزه له (بِحَمْدِهِ) متلبسا بحمده ، إذ كل شيء يدل على صفاته الثبوتية والسلبية (وَ) يسبح (الْمَلائِكَةُ) لله (مِنْ خِيفَتِهِ) من خوف الله (وَيُرْسِلُ) الله (الصَّواعِقَ) جمع صاعقة وهي النار التي تسقط من السحاب (فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) فيهلكه (وَهُمْ) هؤلاء الجهال مع مشاهدتهم لهذه الآيات (يُجادِلُونَ فِي اللهِ) يخاصمون في وجوده (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) الكيد ، فإنه تعالى يكيد لأخذ أعدائه ويعالج الأمر بدقة وخفاء.