[٣٥] (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) الذين اتقوا الكفر والمعاصي ، و(مثل) مبتدأ خبره محذوف ، وهو (جنة) (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت قصورها وأشجارها (الْأَنْهارُ أُكُلُها) أي ثمرها (دائِمٌ) لا ينقطع ، وليس مثل ثمار الدنيا لها فصل خاص (وَظِلُّها) دائم فلا يرون فيها شمسا (تِلْكَ) الجنة الموصوفة (عُقْبَى) عاقبة (الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ).
[٣٦] (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ممن أسلم منهم (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَمِنَ الْأَحْزابِ) من أهل الكتاب الذين تحزبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعداوة (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) ما يخالف شرائعهم وما يخالف تحريفاتهم (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) فلا أكون كأهل الكتاب حيث أشركوا بالله (إِلَيْهِ) إلى توحيده (أَدْعُوا) الناس (وَإِلَيْهِ مَآبِ) مرجع الناس فهو المبدئ المعيد.
[٣٧] (وَكَذلِكَ) هكذا (أَنْزَلْناهُ) أنزلنا القرآن (حُكْماً) للحكم بين الناس (عَرَبِيًّا) بلسان العرب (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) ميول أهل الكتاب في عقيدتهم وشريعتهم (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) بالإسلام (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) نصير (وَلا واقٍ) يحفظك من العذاب.
[٣٨] (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً) نساء (وَذُرِّيَّةً) أولادا وهذا رد لما زعمه بعضهم من أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس برسول وإلا لم تكن له زوج وأولاد (وَما كانَ) ما صح (لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) معجزة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فليست الآيات بيده حتى يأتي بما يقترحون عليه وهذا رد لهم في اقتراحهم الآيات (لِكُلِّ أَجَلٍ) وقت (كِتابٌ) شيء مكتوب حسب ما يقتضيه صلاح البشر فصلاحهم في كل زمان حسب الغالب على أهله فعصا موسى عليهالسلام للسحرة وإحياء عيسى عليهالسلام الموتى للأطباء وقرآن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم للفصحاء.
[٣٩] (يَمْحُوا اللهُ) ينسخ (ما يَشاءُ) ما يستصوب نسخه (وَيُثْبِتُ) ما يشاء مكانه (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أي أصل الكتاب وهو اللوح المحفوظ فيه كل شيء ، وهذا رد لقولهم إن كان أحكام التوراة والإنجيل صحيحة فلم نسخت.
[٤٠] (وَإِنْ ما) أصله (إن) الشرطية و(ما) الزائدة (نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب بأن نعذبهم في حياتك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) نميتك قبل أن ترى عذابهم فليس مما يهمك ذلك إذ إنما (عَلَيْكَ الْبَلاغُ) أن تبلغهم الدين (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) الجزاء بما فعلوا من التبدل والرد.
[٤١] (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) نقصد أرض الشرك (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) بتوسيع رقعة الإسلام (وَاللهُ يَحْكُمُ) بما يريد (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) فلا أحد يتمكن من رد حكمه (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يسرع في محاسبة الناس ، أو أن حسابه آت قريبا.
[٤٢] (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) دبروا في تكذيب الرسل (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) فإن التدبير كله بيد الله ، حتى أن تدبيرهم إنما هو بترك الله لهم حتى يدبّروا كيدهم (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) العاقبة الحسنة لدار الدنيا والآخرة ، لهم أم للمؤمنين.