[٢٩] (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى) الصفة الطيبة (لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) المرجع الحسن.
[٣٠] (كَذلِكَ) هكذا بهذه الآيات والأدلة (أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ) مضت (مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) أرسلت الرسل إليهم فليس إرسالك مستغربا (لِتَتْلُوَا) تقرأ (عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من القرآن (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) بكثير الرحمة التي أحاطت رحمته بهم (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) اتكلت واعتمدت (وَإِلَيْهِ مَتابِ) مرجعي ومرجعكم.
[٣١] (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) أي إن كان هناك في الوجود قرآنا بهذه الصفات لكان هذا القرآن (سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) أزيلت عن أماكنها لعظمة ذلك القرآن (أَوْ قُطِّعَتْ) تشققت (بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) بأن أحيوا بسبب القرآن ، أو تمكن الأحياء من تكليمهم (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) فلو شاء أتى بما اقترحوه من الآيات لكنه أنزل هذا القرآن الذي هو أعظم من ذلك كله (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) عن الكفار المعاندين ، استفهام إنكار ، أي لا بد وأن ييأسوا عن أولئك بعد عنادهم (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) بأن يجبرهم على الهداية ، والمعنى ايئسوا أيها المؤمنون عن هداية المعاندين لأنا أنزلنا لهم قرآنا أعظم من كل شيء فلم يؤمنوا بل أخذوا يقترحون نزول آيات أخر. (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا) من الكفر والمعاصي (قارِعَةٌ) داهية تقرعهم وتنزل بهم من القحط والمرض وما أشبه (أَوْ تَحُلُ) القارعة (قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) فيخافون منها فإن الخوف أيضا عذاب (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) بالغلبة عليهم أو عذابهم (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) الذي وعد رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بنصر المؤمنين وهلاك الكافرين.
[٣٢] (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ) كما استهزأ هؤلاء بك (فَأَمْلَيْتُ) أمهلت (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) وذلك لتكثير عصيانهم (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أهلكتهم (فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) عقابي لهم وهكذا آخذ المستهزئين بك.
[٣٣] (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ) بالعلم والتدبير (عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) من خير وشر أي كمن ليس كذلك من أصنامكم (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) استفهام إنكار أي كيف يجعلون شريكا لله (قُلْ سَمُّوهُمْ) أي سموا تلك الشركاء حتى يتبين أنهم ليسوا شركاء (أَمْ) بل (تُنَبِّئُونَهُ) تخبرون الله (بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) أي بشركاء لا يعلم الله أنهم شركاء له في الأرض (أَمْ) بل تسمونها شركاء (بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ) بقول ظاهري فقط لا حقيقة له (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ) شركهم. وسمّي مكرا لأنهم احتالوا بجعل الآلهة لأجل معاشهم وسيادتهم (وَصُدُّوا) منعوا ، والمانع لهم الشيطان (عَنِ السَّبِيلِ) سبيل الله (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يتركه لعناده حتى يضل (فَما لَهُ مِنْ هادٍ) يهديه لأن الهداية خاصة بالله.
[٣٤] (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بالقتل والأسر والمصائب (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ) أشد (وَما لَهُمْ مِنَ اللهِ) من عذابه (مِنْ واقٍ) حافظ يحفظهم.