[٢٠٣] (وَاذْكُرُوا اللهَ) أيها الحجاج (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) وهي الأيام التي هم في منى ، ويستحب فيها ذكر الله تعالى (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) بأن نفر من منى إلى مكة المكرمة في ثاني اليومين أي اليوم الثاني عشر (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بتعجيله (وَمَنْ تَأَخَّرَ) بأن بقي إلى اليوم الثالث عشر (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) الصيد والنساء في حال الحج ، فإنه يختار بين الأمرين ، أما من لم يتق فالواجب عليه أن يبقى إلى الثالث عشر (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ) إلى ثوابه وعقابه في يوم القيامة (تُحْشَرُونَ) أي تجمعون من أين ما كنتم.
[٢٠٤] (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ) يا رسول الله (قَوْلُهُ) أي من تستحسن كلامه ، لفصاحته وبلاغته (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي استحسان قوله إنما هو في الدنيا ، أما في الآخرة فلا يعجبك قوله لما يظهر لك من باطنه السيئ (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) أي يقول : إن الله شهيد بأن قلبي موافق لما أظهره (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) أشد الأعداء ، والمراد بهذه الآية المنافق العليم اللسان.
[٢٠٥] (وَإِذا تَوَلَّى) أدبر وانصرف من عندك (سَعى) أسرع (فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ) النبات (وَالنَّسْلَ) الأولاد ، والمراد به كل مفسد (وَاللهُ لا يُحِبُ) أي لا يرتضي (الْفَسادَ).
[٢٠٦] (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ) خف من الله فلا تفسد (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) أي حملته الحمية الجاهلية على أن يأثم ويعصي الله تعالى ، فإن من يرى نفسه عزيزا شريفا لا يستعد لسماع النصائح وترك المعاصي (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) أي كفته جهنم عقوبة لعمله (وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) أي إن جهنم محل سيئ للعاصي.
[٢٠٧] (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ) أي يبيع نفسه (ابْتِغاءَ) أي طلبا ل (مَرْضاتِ اللهِ) لرضا الله ، ومعنى بيع النفس قيامه بأوامر الله تعالى ، نزلت في أمير المؤمنين علي عليهالسلام حيث نام على فراش النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة الهجرة (وَاللهُ رَؤُفٌ) الرأفة أرق الرحمة (بِالْعِبادِ).
[٢٠٨] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ) الاستسلام لله (كَافَّةً) جميعا (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) لا تسيروا في سلك الشيطان ، بأن تضعوا القدم مكان قدمه (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) واضح العداء.
[٢٠٩] (فَإِنْ زَلَلْتُمْ) بأن وقعتم في المعاصي (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) الأدلة الواضحة على أوامر الله تعالى (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يعجزه البطش (حَكِيمٌ) لا يعاقب إلا بحق ، لأنه يضع الأشياء مواضعها.
[٢١٠] (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي هل ينتظر هؤلاء الكفار ، وهذا استفهام إنكاري (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ) جمع ظلة ، وهي ما أظلت (مِنَ الْغَمامِ) السحاب الأبيض فإنه مظنة المطر والرحمة ، فإتيان العذاب منه أشد في الإيلام (وَ) تأتي (الْمَلائِكَةُ) مع الله أيضا (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) بأن حكم على الكفار بالهلاك (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي منتهى كل أمر إليه سبحانه فيجازي العاملين بما يستحقون ، ومعنى الآية أن الكفار إذ لم يؤمنوا مع هذه الحجج الظاهرة فكأنهم بانتظار إتيان الله حتى يؤمنوا ، ولو أتى الله أهلكهم وقضى الأمر ، فإن أهل الكتاب والكفار كانوا يزعمون أن الله يأتي في الغمام ومعه الملائكة.