[٦] (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) فإن ابتداء الخلق آدم عليهالسلام (ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) فإن حواء خلقت من فضل طينة آدم (وَأَنْزَلَ) خلق بسبب ما أنزل من المطر (لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ) الإبل والبقر والضأن والمعز (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) من كلّ ذكرا وأنثى (يَخْلُقُكُمْ) أنتم والحيوانات (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) نطفة فعلقة فمضغة فعظاما فلحما فإنسانا أو حيوانا (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) ظلمة الرحم والبطن والمشيمة (ذلِكُمُ) الفاعل لهذه الأشياء (اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) حقيقة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى) إلى أين (تُصْرَفُونَ) يعدل بكم عن التوحيد إلى الإشراك.
[٧] (إِنْ تَكْفُرُوا) فلا يضره كفركم لأجل إن (اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ) أي الشكر (لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لا تحمل نفس حاملة إثم نفس أخرى بل لكل إنسان جزاء عمله (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ) إلى جزائه (مَرْجِعُكُمْ) مصيركم (فَيُنَبِّئُكُمْ) يخبركم لأجل الجزاء (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من خير وشر (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما أضمرتم في الصدور فكيف بسائر الأعمال الظاهرة.
[٨] (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) أصابه ضرر وبلاء (دَعا رَبَّهُ) ليفرّجه (مُنِيباً) راجعا (إِلَيْهِ) وحده بلا شريك (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه (نِعْمَةً مِنْهُ) من عند نفسه بلا شراكة الأصنام له في الإعطاء (نَسِيَ ما) الضر الذي (كانَ يَدْعُوا) الله (إِلَيْهِ) إلى كشفه (مِنْ قَبْلُ) أي حال الضر (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) شركاء (لِيُضِلَ) فإن نتيجة جعل الأنداد الضلال والإضلال ، ولذا صح جعله غاية لجعل الأنداد (عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) مدة حياتك الزائلة ، وهذا تهديد (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) الملازمين لها في الآخرة.
[٩] (أَمَّنْ) (أم) بمعنى بل (هُوَ قانِتٌ) خاضع لله (آناءَ) جمع أنى بمعنى الساعة (اللَّيْلِ) أي في ساعاته (ساجِداً وَقائِماً) في الصلاة (يَحْذَرُ) عذاب (الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) بالفوز بالجنة ، فهل يستوي هذا الإنسان والإنسان الكافر بربه ، والاستفهام للإنكار (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) فأولوا العلم هم المؤمنون والجهال هم الكافرون (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أصحاب العقول ، والكافر ليس بصاحب عقل.
[١٠] (قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) خافوه فلا تعصوه (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أي أطاعوا (فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) في الآخرة بالجنة (وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) فمن لا يتمكن من الإطاعة في أرض فليهاجر إلى أرض أخرى (إِنَّما يُوَفَّى) يعطى (الصَّابِرُونَ) على الطاعة والمحنة (أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) لأنه لا حصر له.