[١٦] (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) الوسوسة ما تدور في صدره من الأفكار فنحن الخالق العالم (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) عرق العنق ، والإضافة بيانية ، وفي طرفي العنق عرقان كل واحد وريد ، فإنه قد يريد شيئا بقلبه فنحول دون أن ينفذ إرادته بعينه أو أذنه أو لسانه ، وقد يتكلم بشيء أو يرى أو يسمع ونحول دون أن يصل ذلك الشيء إلى قلبه ، كما في حالات الغفلة.
[١٧] (إِذْ) اذكر زمانا (يَتَلَقَّى) يأخذ (الْمُتَلَقِّيانِ) الآخذان وهما ملكان يكتبان ما يعمل الإنسان (عَنِ الْيَمِينِ) أحدهما قاعد (وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) أي قاعد ، وفي بعض الروايات أنهما على الشدقين أي طرفي الفم.
[١٨] (ما يَلْفِظُ) لا يتكلم الإنسان (مِنْ قَوْلٍ) كلمة (إِلَّا لَدَيْهِ) لدى التلفظ (رَقِيبٌ) يراقب كلامه (عَتِيدٌ) حاضر مستعد لكتابته.
[١٩] (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ) شدته المزيلة للفعل ، كالسكر (بِالْحَقِ) أي بالحقيقة من أمر الإنسان ، فإن الحقائق هناك تنكشف (ذلِكَ) الموت (ما) الذي (كُنْتَ) أيها الإنسان (مِنْهُ تَحِيدُ) تهرب.
[٢٠] (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) بوق ينفخ فيه إسرافيل لأجل إحياء البشر للحساب (ذلِكَ) الوقت (يَوْمُ الْوَعِيدِ) يتحقق فيه الوعيد بالعذاب.
[٢١] (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ) ليسوقها (وَشَهِيدٌ) شاهد يشهد عليها بما عملت في الدنيا.
[٢٢] ويقال له : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) اليوم ، كالإنسان الغافل لا تعمل لهذا اليوم (فَكَشَفْنا) رفعنا (عَنْكَ غِطاءَكَ) الذي كان على قلبك في الدنيا فيمنعك عن فهم الحقائق (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) حاد يرى الحقائق إذ زالت الشهوات والموانع عن القلب.
[٢٣] (وَقالَ قَرِينُهُ) الملك الشاهد عليه : (هذا ما لَدَيَ) هذا الأمر الذي هو مكتوب عندي (عَتِيدٌ) حاضر.
[٢٤] (أَلْقِيا) أيها السائق والشهيد (فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) كثير الكفر المعاند للحق.
[٢٥] (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) كثير المنع للأعمال الخيرية (مُعْتَدٍ) مجاوز للحق (مُرِيبٍ) شاك في الدين.
[٢٦] (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) من الأصنام أو نحوها (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ).
[٢٧] (قالَ قَرِينُهُ) الشيطان الذي كان يغويه في الدنيا : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) لم أكن سببا لطغيانه (وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) هو كان ضالا فدعوته فاستجاب لي ، والبعيد يعني بعيد عن الحق ، وهو يقول ربنا إنه أضلّني.
[٢٨] (قالَ) الله : (لا تَخْتَصِمُوا) لا يخاصم أحدكم الآخر (لَدَيَ) الآن فلا يفيد الاختصام (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) على أن من كفر فجزاؤه النار.
[٢٩] (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) لا يقع خلاف وعيدي للكفرة (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ) بذي ظلم (لِلْعَبِيدِ) فلا أعاقب إلا من استحق العقاب.
[٣٠] (يَوْمَ) اذكر يوما (نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) والسؤال لأجل التقرير وتبكيت الداخلين فيها (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)