[١٢] وذلك في (يَوْمَ) وهو يوم القيامة (تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ) فإن القيامة مظلمة ونور المؤمنين يسعى أي يتحرك بحركتهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَبِأَيْمانِهِمْ) فإن صحائفهم التي بأيمانهم تشع نورا ، ويقال لهم (بُشْراكُمُ) البشارة لكم في هذا (الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) تحت قصورها وأشجارها (الْأَنْهارُ خالِدِينَ) دائمين (فِيها ذلِكَ) الفوز بالجنة (هُوَ الْفَوْزُ) الظفر المطلوب (الْعَظِيمُ).
[١٣] (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا) انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا نحوهم شع نورهم في جانب المنافقين فرأوا طريقهم (نَقْتَبِسْ) نأخذ قبسا وشعلة (مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ) لهم تهكما بهم (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) إلى الدنيا (فَالْتَمِسُوا) اطلبوا (نُوراً) بالعمل الصالح (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ) بين الفريقين (بِسُورٍ) بحائط (لَهُ بابٌ) حيث يدخل منه المؤمنون إلى طرف المحشر الذي فيه سلام ويبقى الكافرون والمنافقون في الطرف الذي فيه عذاب (باطِنُهُ) داخل السور (فِيهِ الرَّحْمَةُ) والسلام (وَظاهِرُهُ) ظاهر السور (مِنْ قِبَلِهِ) من طرف الباب (الْعَذابُ) لأنهم في المحشر أيضا في العذاب.
[١٤] (يُنادُونَهُمْ) أي المنافقون ينادون المؤمنين (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) في الدنيا لأنا كنا في زمرة المؤمنين فكيف صرنا هكذا مع الكافرين (قالُوا) أي المؤمنون (بَلى) كنتم معنا في الظاهر (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) بالنفاق (وَتَرَبَّصْتُمْ) أي انتظرتم بنا شرا (وَارْتَبْتُمْ) شككتم في الدين (وَغَرَّتْكُمُ) خدعتكم (الْأَمانِيُ) الآمال الطوال بأن تركتم الدين أملا للبقاء في الدنيا (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالموت (وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) الشيطان الخادع غركم وقال إن الله يتجاوز عنكم.
[١٥] (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ) بدل حتى لا تعذبوا (وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) كفرا علانية (مَأْواكُمُ) محلكم (النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ) أولى بكم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المحل ، أي النار.
[١٦] (أَلَمْ يَأْنِ) أما حان الوقت (لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) بأن يكونوا خاشعين بالإضافة إلى الإيمان (وَ) ل (ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ) القرآن (وَلا يَكُونُوا) أي لم يأن لهم أن لا يكونوا (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) اليهود والنصارى (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) الزمان (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) زال خشوعها ، فإن الوعظ إذا بعد عن الإنسان غلظ قلبه (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن طاعة الله ، بالإضافة إلى قسوة قلوبهم.
[١٧] (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) وحياة الأرض بالماء وكذلك حياة القلب بالموعظة والهداية (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) لكي يكمل عقولكم.
[١٨] (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) الذين يعطون الصدقة (وَ) الذين (أَقْرَضُوا اللهَ) بأن أنفقوا أموالهم في سبيل الله ليسترجعوها يوم القيامة (قَرْضاً حَسَناً) خالصا لوجهه الكريم (يُضاعَفُ لَهُمْ) الثواب (وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) يعطونه مع التكريم لهم.