[٩٢] (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ) أي لن تبلغوا بر الله ، أي رحمته (حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) أي بعض ما تحبون من المال والجاه وما أشبه (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) بيان (ما) (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ).
[٩٣] (كُلُّ الطَّعامِ) المأكولات (كانَ حِلًّا) أي حلالا (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) أي [بني يعقوب] (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) فانه حرم أكل لحم الإبل على نفسه (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) والتوراة إنما حرم بعض الأشياء على بني إسرائيل لظلمهم وبغيهم ، وعليه فالأطعمة الطيبة حلال على المسلمين لأنهم لم يظلموا كما ظلم اليهود أنفسهم فحرم الله عليهم بعض الطيبات عقوبة لهم (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم أن التحريم كان قديما على نزول التوراة فإنه لا يشير التوراة إلى قدم التحريم.
[٩٤] (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بان قال إن الله حرم بعض الطيبات من القديم وقبل نزول التوراة (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي قيام الحجة (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لأنفسهم لأنهم يأتون بالباطل وهم يعلمون بطلان كلامهم.
[٩٥] (قُلْ صَدَقَ اللهُ) في أن هذه الطيبات كانت حلالا من القديم (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ) أي طريقة (إِبْراهِيمَ) وهي حلية الطيبات (حَنِيفاً) أي في حال كون إبراهيم عليهالسلام مائلا عن الشرك (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فإن أهل الكتاب كانوا يقولون إن إبراهيم عليهالسلام على دينهم الذي هو الشرك.
[٩٦] (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) بأن يكون معبدا لهم (لَلَّذِي) أي البيت الذي (بِبَكَّةَ) اسم لمكة المكرمة ، في حال كون ذلك البيت (مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) فان الناس يهتدون بسبب مكة لأنهم يتوجهون إليها في الصلاة وغيرها.
[٩٧] (فِيهِ) أي في البيت (آياتٌ بَيِّناتٌ) أدلة واضحات (مَقامُ إِبْراهِيمَ) بدل لآيات بينات وهو المحل الذي كان يقف عليه إبراهيم عليهالسلام فيبني البيت (وَمَنْ دَخَلَهُ) أي البيت ، والمراد الحرم (كانَ آمِناً) لا يمس بسوء حتى يخرج عن البيت (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) أي قصده لإتيان المناسك (مَنِ اسْتَطاعَ) بدل (الناس) (إِلَيْهِ) أي إلى البيت (سَبِيلاً) أي طريقا (وَمَنْ كَفَرَ) بأن لم يذهب إلى الحج وهو مستطيع ، والمراد كفر عمل لا كفر عقيدة (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) فإنه تعالى لا يحتاج إلى البشر والى عبادته وإنما أمرهم بالأحكام لأجل أنفسهم.
[٩٨] (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) فيجازيكم عليه.
[٩٩] (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ) أي تمنعون (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) فإن أهل الكتاب كانوا يمنعون الناس عن سلوك سبيل الإسلام (مَنْ آمَنَ) مفعول تصدون (تَبْغُونَها عِوَجاً) أي طالبين لسبيل الله اعوجاجا ، فإن من يقول : المعوج طريق الله ، يطلب اعوجاج الطريق (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ) أي تشهدون على الطريق المستقيم لأنهم كانوا يعلمون أن الإسلام هو طريق الله (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فيجازيكم عليه.
[١٠٠] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً) أي جماعة ، وهذا نهي للمسلمين أن يتبعوا كلام الكفار (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ) يرجعوكم (بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ).