قال ابن عباس : تهجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة بمكة ، فجعل يقول في سجوده : «يا رحمن ، يا رحيم». فقال المشركون : كان محمد يدعو إلها واحدا ، فهو الآن يدعو إلهين اثنين : الله ، والرحمن ، ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة. يعنون مسيلمة الكذاب. فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
وقال ميمون بن مهران : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكتب في أول ما يوحى إليه : «باسمك اللهم». حتى نزلت هذه الآية : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [سورة النمل ، الآية : ٣٠]. فكتب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فقال مشركو العرب : هذا الرحيم نعرفه ، فما الرحمن؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
وقال الضحاك : قال أهل التفسير : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنك لتقل ذكر الرحمن ، وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (٣).
قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١١٠). عن محمد بن إسحاق الثقفي قال : حدثنا عبد الله بن مطيع وأحمد بن منيع قالا : حدثنا هشيم قال : حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قال : نزلت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مختف بمكة ، وكانوا إذا سمعوا القرآن سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به ، فقال الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوسلم : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) أي : بقراءتك ، فيسمع المشركون فيسبوا القرآن (وَلا تُخافِتْ بِها) عن أصحابك فلا يسمعون (وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١١٠) (٤).
عن هشام بن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، في قوله تعالى : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها) قالت : إنها نزلت في الدعاء (٥).
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١٥ / ١٢١.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٠ / ٣٤٣.
(٣) تفرّد به النيسابوري في أسباب النزول ٢٤٩.
(٤) تفسير الطبري ، ج ١٥ / ١٢٢ ـ ١٢٤ ، ورواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : البخاري : التوحيد ، باب : قول الله تعالى : (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) ، رقم : ٧٠٥٢ ، ومسلم : الصلاة ، باب : التوسط في القراءة في الصلاة الجهرية .. ، رقم : ٤٤٦ ، والنيسابوري ٢٥٠.
(٥) فتح الباري ، ج ٨ / ٤٠٥ ، وأخرجه البخاري برقم ٤٧٢٣.