٢٩ ـ سورة العنكبوت
الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (الم) (١) (أَحَسِبَ النَّاسُ).
قال الشعبي : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام ، فكتب إليهم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم من المدينة : إنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا. فخرجوا عامدين إلى المدينة ، فأتبعهم المشركون فآذوهم ، فنزلت فيهم هذه الآية ، وكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا ، فقالوا : نخرج ، فإن اتبعنا أحد قاتلناه. فخرجوا ، فاتبعهم المشركون فقاتلوهم ، فمنهم من قتل ومنهم من نجا ، فأنزل الله تعالى فيهم : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) [سورة النحل ، الآية : ١١٠] (١).
وقال مقاتل : نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب ، كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر ، رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «سيد الشهداء مهجع ، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة». فجزع عليه أبواه وامرأته ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ، وأخبر أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات الله تعالى (٢).
الآية : ٨ ـ قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي).
قال المفسرون : نزلت في سعد بن أبي وقاص ، وذاك أنه لما أسلم قالت له أمه جميلة : يا سعد ، بلغني أنك صبوت ، فو الله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح ، ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد ـ عليهالسلام ـ وترجع إلى ما كنت عليه. وكان أحب ولدها إليها ، فأبى سعد ، فصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٤ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٥٤.
(٢) زاد المسير ، ج ٦ / ٢٥٤.