٧٢ ـ سورة الجن
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) (١).
أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن عباس قال : ما قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجن ولا رآهم ، ولكنه انطلق في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب فرجعوا إلى قومهم ، فقالوا : ما هذا إلا لشيء قد حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا هذا الذي حدث فانطلقوا. فانصرف النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو بنخلة يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سعوا القرآن استمعوا له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا ، إنا سمعنا قرآنا عجبا ، فأنزل الله على نبيه : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَ) وإنما أوحي إليه قول الجن.
وأخرج ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة بسنده عن سهل بن عبد الله قال : كنت في ناحية ديار عاد إذ رأيت مدينة من حجر منقور في وسطها قصر من حجارة ، تأويه الجن ، فدخلت فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة ، فلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته ، فسلمت عليه فرد عليّ السلام ، وقال : يا سهل ، إن الأبدان لا تخلق الثياب ، وإنما تخلقها روائح الذنوب ، ومطاعم السحت ، وإن هذه الجبة عليّ منذ سبعمائة سنة لقيت فيها عيسى ومحمدا عليهما الصلاة والسلام ، فآمنت بهما ، فقلت له : ومن أنت؟ قال : من الذين نزلت فيهم : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) (١).
__________________
(١) السيوطي ، ٣١٣ ـ ٣١٤ ، وزاد المسير ، ج ٧ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، والدر المنثور ، ج ٦ / ٢٧٠.