٥٩ ـ سورة الحشر
الآية : ٢ ـ قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ).
قال المفسرون : نزلت هذه الآية في بني النضير ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ، وقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك منهم ، فلما غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بدرا وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة ، لا ترد له راية. فلما غزا أحدا وهزم المسلمون نقضوا العهد ، وأظهروا العداوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، فحاصرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم صالحهم عن الجلاء من المدينة (١).
عن عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، عن رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم : أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود : إنكم أهل الحلقة والحصون ، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا ، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم وبين الخلاخل شيء. فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير الغدر ، وأرسلوا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أن أخرج إلينا في ثلاثين رجلا من أصحابك ، وليخرج معنا ثلاثون حبرا ، حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ، ليسمعوا منك ، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك كلنا. فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من اليهود ، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله؟ فأرسلوا : كيف نتفق ونحن ستون رجلا؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك وتخرج إليك ثلاثة من علمائنا ، إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك. فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود ، واشتملوا على الخناجر ، وأرادوا الفتك برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأرسلت امرأة ناصحة من بني
__________________
(١) النيسابوري ٣٤٢ ، والسيوطي ٢٩٠ ، وانظر زاد المسير ، ج ٨ / ٢٠٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ٢ ـ ٣ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٣٠ ـ ٣٣٢.