٣٨ ـ سورة ص
عن سفيان ، عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : مرض أبو طالب ، فجاءت قريش وجاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل ، فقام أبو جهل كي يمنعه ذلك ، فشكوه إلى أبي طالب فقال : يا ابن أخي ، ما تريد من قومك؟ قال : يا عم ، إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم الجزية بها العجم». قال : كلمة واحدة؟ قال : ما هي؟ قال : «لا إله إلا الله» فقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا؟ قال : فنزل فيهم القرآن : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) (٢) [سورة ص ، الآيتان : ١ ـ ٢] حتى بلغ : (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) (٧) [سورة ص ، الآية : ٧] (١).
قال المفسرون : لما أسلم عمر بن الخطاب شق ذلك على قريش وفرح المؤمنون ، قال الوليد بن المغيرة لهلاص قريش ، وهم الصناديد والأشراف : امشوا إلى أبي طالب ، فأتوه فقالوا له : أنت شيخنا وكبيرنا ، قد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فأرسل أبو طالب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فدعاه فقال : يا ابن أخي ، هؤلاء قومك يسألونك ذا السؤال ، فلا تمل كل الميل على قومك. قال : «وما ذا يسألوني». قالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم». فقال أبو جهل : لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قولوا لا إله إلا الله». فنفروا من ذلك فقاموا فقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) [سورة ص ، الآية : ١٢] (٢).
__________________
(١) سنن الترمذي برقم ٣٢٣٢ ، وحسّنه ، والمستدرك للحاكم ، ج ٢ / ٤٣٢ ، وصححه وأقره الذهبي ، والدر المنثور ، ج ٥ / ٢٩٥.
(٢) النيسابوري ، ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٢٧. قوله : ارفضنا وارفض .. أي : اتركنا واترك ذكرك.