١١٣ ـ ١١٤ ـ المعوّذتان
قال المفسرون : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتت إليه اليهود ، ولم يزالوا به حتى أخذ مشاطة النبي صلىاللهعليهوسلم وعدّة أسنان من مشطه ، فأعطاها اليهود ، فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك لبيد بن أعصم اليهودي ، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال لها ذروان ، فمرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانتثر شعر رأسه ، ويرى أنه يأتي نساءه ولا يأتيهن ، وجعل يدور ولا يدري ما عراه ، فبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان ، فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رأسه : ما بال الرجل؟ قال : طب ، قال : وما طب؟ قال : سحر ، قال : ومن سحره؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي ، قال : وبم طبه؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو؟ قال : في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان (١).
والجف قشر الطلع ، والراعوفة حجر في أسفل البئر يقوم عليه المائح.
فانتبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا عائشة ، ما شعرت أن الله أخبرني بدائي». ثم بعث عليا والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء تلك البئر كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف ، فإذا هو مشاطة رأسه وأسنان مشطه ، وإذا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله تعالى سورتي المعوذتين ، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل عليهالسلام يقول : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ، ومن كل حاسد وعين ، الله يشفيك (٢). فقالوا : يا رسول الله ، أولا نأخذ
__________________
(١) زاد المسير ، ج ٩ / ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٢) مشاطة : ما يجتمع على المشط بعد تمشيط الشعر. عراه : أصابه وطرأ عليه. الطلع : زهر النخيل ونحوه. المائح : هو الذي ينزل إلى البئر ليملأ دلوه منه لقلة مائه. نشط من عقال : فك من حبل كان قد أوثق به. أرقيك : من الرّقية ، وهي القراءة على المريض ليبرأ من علته.