٣٠ ـ سورة الروم
الآيتان : ١ ـ ٢ ـ قوله تعالى : (الم) (١) (غُلِبَتِ الرُّومُ) (٢).
أخرج الترمذي عن أبي سعيد قال : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين ، فنزلت : (الم) (١) (غُلِبَتِ الرُّومُ) (٢) إلى قوله : (بِنَصْرِ اللهِ) [سورة الروم ، الآية : ٥] يعني : بفتح الغين (١). وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيقولون : الروم يشهدون أنهم أهل كتاب وقد غلبتهم المجوس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم ، فكيف غلب المجوس الروم وهم أهل كتاب؟ فسنغلبكم كما غلب فارس الروم ، فأنزل الله : (الم) (١) (غُلِبَتِ الرُّومُ) (٢).
وأخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة ويحيى بن يعمر وقتادة ، فالرواية الأولى على قراءة غلبت بالفتح ، لأنها نزلت يوم غلبهم يوم بدر ، والثانية على قراءة الضم ، فيكون معناه : وهم من بعد غلبهم فارس سيغلبهم المسلمون ، حتى يصح معنى الكلام ، وإلا لم يكن له كبير معنى (٢).
قال المفسرون : بعث كسرى جيشا إلى الروم ، واستعمل عليهم رجلا يسمى شهريران ، فسار إلى الروم بأهل فارس وظهر عليهم ، فقتلهم وخرب مدائنهم وقطع زيتونهم ، وكان قيصر بعث رجلا يدعى يحنس ، فالتقى مع شهريران بأذرعات وبصرى ، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب ، فغلب فارس الروم ، وبلغ ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بمكة ، فشق ذلك عليهم ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يكره أن يظهر الأميون من أهل المجوس على أهل الكتاب من الروم ، وفرح كفار مكة وشمتوا ، فلقوا أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إنكم
__________________
(١) سنن الترمذي برقم ٢٩٣٥.
(٢) السيوطي ٢١٦ ، وتفسير الطبري ، ج ٢١ / ١١ ـ ١٣.