٦٣ ـ سورة المنافقون
نزلت هذه السورة في المنافقين الذين كانوا يتربصون برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبأصحابه الدوائر.
فهي تحكي عن عقائدهم الباطلة وعن أفعالهم المشينة.
قال ابن كثير : يقول الله تعالى مخبرا عن المنافقين أنهم إنما يتفوّهون بالإسلام إذا جاءوا النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأما في باطن الأمر فليسوا كذلك بل على الضد من ذلك ، (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي : اتقوا الناس بالأيمان الكاذبة ليصدّقوا فيما يقولون فاغترّ بهم من لا يعرف جليّة أمرهم ، فاعتقد أنهم مسلمون (١).
قال أهل التفسير وأصحاب السير : غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني المصطلق ، فنزل على ماء من مياههم يقال له المريسيع ، فوردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير من بني غفار ـ يقال له : جهجاه بن سعيد ـ يقود فرسه ، فازدحم جهجاه وسنان الجهني ـ حليف بني العوف من الخزرج ـ على الماء ، فاقتتلا ، فصرخ الجهني : يا معشر الأنصار ، وصرخ الغفاري : يا معشر المهاجرين ، فلما أن جاء عبد الله بن أبيّ قال ابنه : وراءك ، قال : ما لك ويلك ، قال : لا والله لا تدخلها أبدا إلا بإذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولتعلم اليوم من الأعز من الأذل. فشكا عبد الله إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما صنع ابنه ، فأرسل إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ارتحل عنه حتى يدخل». فقال : أما إذ جاء أمر النبي عليهالسلام فنعم. فدخل ، فلما نزلت هذه السورة وبان كذبه قيل له : يا أبا حباب ، إنه قد نزلت فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليستغفر لك. فلوى رأسه ، فذلك قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) [سورة المنافقون ، الآية : ٥] (٢).
__________________
(١) النيسابوري ، ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ، وتفسير ابن كثير ، ج ٤ / ٣٦٨.
(٢) النيسابوري ، ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٨ / ١٢١.