١٦ ـ سورة النحل
الآية : ١ ـ قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ).
قال ابن عباس : لما أنزل الله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [سورة القمر ، الآية : ١] قال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن. فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا : ما نرى شيئا. فأنزل الله تعالى : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ١]. فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فلما امتدت الأيام قالوا : يا محمد ، ما نرى شيئا مما تخوفنا به. فأنزل الله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) فوثب النبي صلىاللهعليهوسلم ورفع الناس رءوسهم ، فنزل : (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين ـ وأشار بإصبعه ـ إن كادت لتسبقني» (١).
وقال الآخرون : الأمر هاهنا العذاب بالسيف ، وهذا جواب للنضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، يستعجل العذاب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
الآية : ٤ ـ قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).
نزلت الآية في أبيّ بن خلف الجمحي ، حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد ، أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ؟ نظيرة هذه الآية قوله تعالى في سورة يس : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٧٧) [سورة يس ، الآية : ٧٧] إلى آخر السورة ، نازلة في هذه القصة (٣).
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٧٥ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٤٢٦.
(٢) انظر تفسير الطبري ، ج ١٤ / ٥٢.
(٣) النيسابوري ٢٣٤ ، والسيوطي ١٦٢ ، وزاد المسير ، ج ٤ / ٤٢٩.