غلاما لهما نصرانيّا ، يقال ، له : عدّاس ، فقالا له : خذ قطفا من هذا العنب ، فضعه فى هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل ، فقل له يأكل منه. ففعل عداس ، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قال له : كل. فلما وضع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه يده قال : باسم الله ، ثم أكل ، فنظر عداس فى وجهه ، ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ومن أهل أى البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ قال : نصرانى ، وأنا رجل من أهل نينوى. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى. فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ذاك أخى ، كان نبيّا وأنا نبى. فأكب عدّاس على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه. فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس! مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قالا : يا سيدى ، ما فى الأرض شىء خير من هذا ، لقد أخبرنى بأمر ما يعلمه إلا نبى. قال له : ويحك يا عداس! لا يصرفنك عن دينك ، فإن دينك خير من دينه.
* * *
٤٨ ـ عرض الرسول نفسه على قبائل مكة
ثم قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافة وفراق دينه ، إلا قليلا مستضعفين ، ممن آمن به ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض نفسه فى المواسم ، إذا كانت ، على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ، ويخبرهم أنه نبى مرسل ، ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين لهم الله ما بعثه به.