ويجوز لهم تعمد النظر من غير تلذذ (أَوْ نِسائِهِنَ) يعني النساء المؤمنات ، ولا يحل لهن أن يتجردن ليهودية أو نصرانية أو مجوسية إلا إذا كانت أمة وهو معنى قوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) أي من الإماء عن ابن جريج ومجاهد والحسن وسعيد بن المسيب قالوا : ولا يحل للعبد أن ينظر إلى شعر مولاته وقيل معناه العبيد ، والإماء وروي ذلك عن أبي عبد الله عليهالسلام وقال الجبائي : أراد مملوكا له لم يبلغ مبلغ الرجال (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) معناه : التابع الذي يتبعك لينال من طعامك ولا حاجة له في النساء وهو الأبله المولّى عليه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ، وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام وقيل : هو العنين الذي لا ارب له في النساء لعجزه عن عكرمة والشعبي ، وقيل : إنه الخصي المجبوب الذي لا رغبة له في النساء عن الشافعي (أَوِ الطِّفْلِ) أي الجماعة من الأطفال (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) يريد به الصبيان الذين لم يعرفوا عورات النساء ، ولم يقووا عليها لعدم شهوتهم وقيل لم يطيقوا مجامعة النساء ، فإذا بلغوا مبلغ الشهوة فحكمهم حكم الرجال (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) قال قتادة كانت المرأة تضرب برجلها لتسمع قعقعة الخلخال فيها فنهاهنّ عن ذلك وقيل معناه : لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت ليتبين خلخالها أو يسمع صوته (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي تفوزون بثواب الجنة.
٣٢ ـ ٣٤ ثم أمر سبحانه عباده بالنكاح ، وأغناهم عن السفاح فقال (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) ومعناه : زوّجوا أيها المؤمنون من لا زوج له من أحرار رجالكم ونساءكم ، وهذا أمر ندب واستحباب ، وقد صحّ عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله انه قال : من أحبّ فطرتي فليستن بسنّتي ، ومن سنّتي النكاح (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) أي وزوّجوا المستورين من عبيدكم وولائدكم وقيل : إن معنى الصلاح ههنا الإيمان ، ثم رجع إلى الأحرار فقال (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ) لا سعة لهم للتزويج (يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وعدهم سبحانه أن يوسّع عليهم عند التزويج (وَاللهُ واسِعٌ) المقدور ، كثير الفضل (عَلِيمٌ) بأحوالهم وما يصلحهم فيعطيهم على قدر ذلك ؛ وقال أبو عبد الله عليهالسلام : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بربّه لقوله سبحانه : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) هذا أمر من الله تعالى لمن لا يجد السبيل إلى أن يتزوج بأن لا يجد المهر والنفقة أن يتعفف ولا يدخل في الفاحشة ، ويصبر حتى يوسّع الله عليه من رزقه ، ثم بيّن سبحانه ما يسهل سبيل النكاح فقال (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) أي يطلبون المكاتبة (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من العبيد والإماء (فَكاتِبُوهُمْ) والمكاتبة : أن يكاتب الإنسان عبده على مال ينجمه عليه ليؤدّيه إليه في هذه النجوم المعلومة ، وهذا أمر ندب واستحباب وترغيب عند جميع الفقهاء (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي صلاحا ورشدا ، وعلمتم فيهم قدرة على الاكتساب لأداء مال الكتابة ، ورغبة فيه وأمانة (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) أي حطّوا عنهم من نجوم الكتابة شيئا. عن ابن عباس وقتادة وعطاء ، وقيل معناه : ردّوا عليهم يا معشر السادة من المال الذي أخذتم منه شيئا ، وهو استحباب ، وقيل : هو إيجاب. وقال قوم من المفسرين : إنه خطاب للمؤمنين بمعونتهم على تخليص رقابهم من الرق (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) أي امائكم وولايدكم (عَلَى الْبِغاءِ) أي على الزنا (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) أي تعففا وتزويجا (لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي من كسبهن وبيع أولادهن (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ) أي ومن يجبرهن على الزنا من سادتهن (فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ) للمكرهات لا للمكره لأن الوزر عليه (رَحِيمٌ) بهنّ (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ