الإنقلاب ، ثم أمطر على من كان غائبا منهم عن القرية الحجارة من السماء وهو قوله (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) أي بئس واشتد مطر الكافرين مطرهم ، وما بعده مفسر قبل.
١٧٦ ـ ١٩١ ـ ثم أخبر سبحانه عن شعيب فقال (كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) وهم أهل مدير (إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) ولم يقل أخوهم لأنّه لم يكن من نسبهم ، وكان من أهل مدين فلذلك قال في ذلك الموضع : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) (أَلا تَتَّقُونَ) عذاب الله في تكذيبي ومخالفتي (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) على الرسالة فيما بيني وبين ربكم (فَاتَّقُوا اللهَ) بطاعته وعبادته (وَأَطِيعُونِ) فيما آمركم به من الإيمان والتوحيد (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أي على الدعاء والتوحيد (مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ) ما جزائي وثوابي (إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ) وخالق الخلق أجمعين وإنما حكى الله سبحانه دعوة كل نبي بصيغة واحدة ولفظ واحد إشعارا بأن الحق الذي تأتي به الرسل ويدعون إليه واحد : من اتقاء الله تعالى ، واجتناب معاصيه ، والإخلاص في عبادته ، وطاعة رسله ، وان أنبياء الله تعالى لا يكونون إلا أمناء الله في عباده ، فإنه لا يجوز على واحد منهم أن يأخذ الأجرة على رسالته لما في ذلك من التنفير عن قبولهم. ثم قال : (أَوْفُوا الْكَيْلَ) أي أعطوا الكيل وافيا غير ناقص ، ويدخل الوفاء في الكيل والوزن والذرع والعدد (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) أي من الناقصين للكيل والوزن (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) أي بالعدل الذي لا حيف فيه (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي ولا تنقصوا الناس حقوقهم ولا تمنعوها (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي ولا تسعوا في الأرض بالفساد ، والعثي : أشد الفساد والخراب عن أبي عبيدة (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ) أي أوجدكم بعد العدم (وَالْجِبِلَّةَ) أي الخليقة (الْأَوَّلِينَ) يعني وخلق الأمم المتقدمين (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) مرّ معناه (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) أي وإنا نظنّك كاذبا من جملة الكاذبين وإن هذه مخففة من الثقيلة ولذلك لزمها اللام في الخبر (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) أي قطعا من السماء جمع كسفة عن ابن عباس (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك (قالَ) شعيب (رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) ومعناه : انه إن كان في معلومه أنه إن بقّاكم تبتم أو تاب بعضكم لم يقتطعكم بالعذاب ، وإن كان في معلومه أنه لا يفلح واحد منكم فسيأتيكم عذاب الإستئصال. ثم قال : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) أصابهم حرّ شديد سبعة أيام ، وحبس عنهم الريح ، ثم غشيتهم سحابة فلما خرجوا
__________________
قبل. فإذا كان يومها وضعت رأسها في مائهم فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيه ، ثم ترفع رأسها فتفجح لهم فيحتلبون ما شاءوا من لبن فيشربون ويدخرون ، حتى يملأوا أوانيهم كلها. قال الحسن بن محبوب : حدّثني رجل من أصحابنا يقال له سعيد بن يزيد قال : أتيت أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة بين الجبلين ورأيت أثر جنبيها فوجدته ثمانين ذراعا ؛ وكانت تصدر من غير فج الذي وردت ، لا تقدر على أن تصدر من حيث ترد ، لأنه يضيق عنها ، فكانوا في سعة ودعة منها ، وكانوا يشربون الماء يوم الناقة من الجبال والمغارات ، فشقّ ذلك عليهم ، وكانت مواشيهم تنفر عنها لعظمها ، فهمّوا بقتلها. قالوا : وكانت امرأة جميلة يقال لها صدوف ذات مال من إبل وبقر وغنم ، وكانت أشد الناس عداوة لصالح فدعت رجلا من ثمود يقال له مصدع بن مهرج ، وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة ، وامرأة أخرى يقال لها عنيزة دعت قدار بن سالف ، وكان أحمر أزرق قصيرا وكان ولد زنا ، ولم يكن لسالف الذي يدعى إليه ، ولكنه ولد على فراشه ، وقالت