اللغة لأنه سمّاها مبينا ولذلك اختارها لأهل الجنة (وَإِنَّهُ) أي وان ذكر القرآن وخبره (لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) أي في كتب الأولين على وجه البشارة به وبمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا بمعنى أن الله أنزله على غير محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) معناه : أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل بمجيئه على ما تقدّمت البشارة دلالة لهم على صحة نبوته ، لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل كانوا يخبرون بوجود ذكره في كتبهم ، وكانت اليهود تبشّر به وتستفتح على العرب به ، وكان ذلك سبب إسلام الأوس والخزرج على ما مرّ بيانه ؛ وعلماء بني إسرائيل عبد الله بن سلام ، وابن يامين ، وثعلبة وأسد وأسيد عن عطية (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) أي ولو نزلنا القرآن على رجل ليس من العرب ، وعلى من لا يفصح (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ) أي على العرب (ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ) أي لم يؤمنوا به ، وانفوا من اتباعه ، لكنا أنزلناه بلسان العرب على أفصح رجل منهم ، من أشرف بيت ليتدبّروا فيه ، وليكونوا أدعى إلى اتباعه وتصديقه (كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) أي كما أنزلنا القرآن عربيا مبينا أمررناه وأدخلناه وأوقعناه في قلوب الكافرين بأن أمرنا النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى قرأه عليهم ، وبيّنه لهم. ثم بيّن أنهم مع ذلك (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) فيلجئهم إلى الإيمان به ، وهذا خبر عن الكفار الذين علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا (فَيَأْتِيَهُمْ) أي العذاب الذي يتوقعونه ويستعجلونه (بَغْتَةً) أي فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بمجيئه (فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) أي مؤخرون لنؤمن ولنصدق. قال مقاتل : لما أوعدهم النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعذاب استعجلوا العذاب تكذيبا له. فقال الله (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) توبيخا لهم. ثم قال (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) أي : أرأيت إن أنظرناهم وأخّرناهم سنين ، ومتّعناهم بشيء من الدنيا ، ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متّعوا في تلك السنين من النعيم لإزديادهم في الآثام ، واكتسابهم من الإجرام وهو استفهام في معنى التقرير (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) أي وما أهلكنا قرية (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) أي إلا بعد إقامة الحجج عليهم بتقديم الإنذار ، وإرسال الرسل (ذِكْرى) أي تذكيرا وموعظة لهم ليتّعظوا ويصلحوا ، فإذا لم يصلحوا مع التخويف والتحذير ، واستحقوا عذاب الإستئصال بإصرارهم على الكفر والعناد أهلكناهم (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) أي وما ظلمناهم بالإهلاك لأنا لا نظلم أحدا ؛ نفى سبحانه عن نفسه الظلم (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) أي بالقرآن (الشَّياطِينُ) كما يزعمه بعض المشركين (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) انزال ذلك ، أي الشياطين (وَما يَسْتَطِيعُونَ) ذلك ولا يقدرون عليه لأن الله تعالى يحرس المعجزة عن أن يموه بها المبطل (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) أي مصروفون عن استماع القرآن ، أي ممنوعون عنه بالشهب الثاقبة ، وقيل معناه : ان الشياطين عن سمع القرآن منحون ، عن قتادة ، فإن العزل
__________________
فصيلها؟ فإن أدركتموه فعسى أن يرفع عنكم العذاب ، فخرجوا يطلبونه في الجبل فلم يجدوه ، وكانوا عقروا الناقة ليلة الأربعاء ، فقال لهم صالح تمتعوا في داركم ، يعني في محلتكم في الدنيا ثلاثة أيام ، فإن العذاب نازل بكم. ثم قال يا قوم إنكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة ، واليوم الثاني تصبحون ووجوهكم محمرة ، واليوم الثالث وجوهكم مسودة ، فلما كان أول يوم أصبحت وجوههم مصفرة ، فقالوا جاءكم ما قال لكم صالح ، ولما كان اليوم الثاني احمرت وجوههم ، واليوم الثالث اسودت وجوههم. فلما كان نصف الليل أتاهم جبرائيل عليهالسلام فصرخ بهم صرخة خرقت أسماعهم ،