تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) وهذا خبر والمراد به الأمر ، أي فسبّحوه ونزّهوه عما لا يليق به أو ينافي تعظيمه من صفات النقص بأن تصفوه بما يليق به من الصفات والأسماء (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) أي يخرج الإنسان من النطفة ، ويخرج النطفة من الإنسان (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بالنبات بعد جدوبها (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أي كما أحيا الأرض بالنبات كذلك يحييكم بالبعث ، وتخرجون من قبوركم أحياء (وَمِنْ آياتِهِ) أي من دلالاته على وحدانيته وكمال قدرته (أَنْ خَلَقَكُمْ) أي خلق آدم الذي هو أبوكم وأصلكم (مِنْ تُرابٍ) ثم خلقكم منه وذلك قوله (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) أي ثم إذا أنتم ذرية بشر من لحم ودم تنبسطون في الأرض ، وتتصرفون على ظهرها ، وتتفرقون في أطرافها فهلا دلّكم ذلك على أنه لا يقدر على ذلك غيره تعالى ، وأنه لا يستحق العبادة سواه.
٢١ ـ ٢٥ ـ ثم عطف سبحانه على ما قدّمه من تنبيه العبيد على دلائل التوحيد فقال : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي جعل لكم من شكل أنفسكم ومن جنسكم (أَزْواجاً) وإنما منّ سبحانه علينا بذلك لأن الشكل إلى الشكل أميل (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) أي لتطمئنوا إليها ، وتألفوا بها ، ويستأنس بعضكم ببعض (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) يريد بين المرأة وزوجها جعل سبحانه بينهما المودّة والرحمة فهما يتوادان ويتراحمان ، وما شيء أحبّ إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في خلق الأزواج مشاكلة للرجال (لَآياتٍ) أي لدلالات واضحات (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) في ذلك ويعتبرون به ، ثم نبّه سبحانه على آية أخرى فقال (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على توحيده (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما فيهما من عجائب خلقه ، وبدائع صنعه ، مثل ما في السماوات من النجوم والشمس والقمر وجريها في مجاريها على غاية الإتساق والنظام ، وما في الأرض من أنواع الجماد والنبات والحيوان المخلوقة على وجه الاحكام (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) فالألسنة : جمع لسان ، واختلافها هو أن ينشئها الله تعالى مختلفة في الشكل والهيئة والتركيب ، فتختلف نغماتها وأصواتها حتى أنه لا يشتبه صوتان من نفسين هما اخوان (وَأَلْوانِكُمْ) أي واختلاف ألوانكم من البياض والحمرة والصفرة والسمرة وغيرها ، فلا يشبه أحد أحدا مع التشاكل في الخلقة وما ذلك إلا للتراكيب البديعة ، واللطائف العجيبة الدالة على كمال قدرته وحكمته ، واللطائف العجيبة الدالة على كمال قدرته وحكمته ، حتى لا يشتبه اثنان من الناس ولا يلتبسان مع كثرتهم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي أدلة واضحات (لِلْعالِمِينَ) أي للمكلفين (وَمِنْ آياتِهِ) الدالة على توحيده وإخلاص العبادة له (مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ) معناه : ومن دلائله النوم الذي جعله الله راحة لأبدانكم بالليل وقد تنامون بالنهار ، فإذا انتبهتم انتشرتم لابتغاء فضل الله (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ذلك فيقبلونه ويتفكرون فيه ، لأن من لا يتفكر فيه لا ينتفع به فكأنه لم يسمعه (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) معناه : ومن دلالاته أن يريكم النار تنقدح من السحاب يخافه المسافر ، ويطمع فيه المقيم (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي غيثا ومطرا (فَيُحْيِي بِهِ) أي بذلك الماء (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) أي بعد انقطاع الماء عنها وجدوبها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي للعقلاء المكلفين (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) بلا دعامة تدعمها ، ولا علاقة تتعلق بها ، بأمره لهما بالقيام ، كقوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ) أي من القبر. يأمر الله عزّ اسمه إسرافيل عليهالسلام فينفخ في الصور فيخرج الخلائق كلهم من قبورهم (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) من الأرض احياء ، وقيل : انه سبحانه جعل النفخة دعاء ، لأن