وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) معناه : وما يمدّ في عمر معمّر ، أي ولا يطول عمر أحد (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) أي من عمر ذلك المعمّر بانقضاء الأوقات عليه عن أبي مالك ، يعني ولا يذهب بعض عمره بمضيّ الليل والنهار وقيل معناه : ولا ينقص من عمر غير ذلك المعمر ، عن الحسن والضحاك وابن زيد وقيل : هو ما يعلمه الله تعالى ان فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا وإذا عصى نقص عمره فلا يبقى فالنقصان على ثلاثة أوجه أما ان يكون من عمر المعمر أو من عمر معمر آخر أو يكون بشرط (إِلَّا فِي كِتابٍ) أي إلا وذلك مثبت في الكتاب ، وهو الكتاب المحفوظ أثبته الله تعالى قبل كونه. قال سعيد بن جبير : مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا سنة ، ثم يكتب أسفل ذلك ذهب يوم ، ذهب يومان ، ذهب ثلاثة أيام ، حتى يأتي على آخر عمره (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) يعني ان تعمير من يعمره ، ونقصان من ينقصه ، واثبات ذلك في الكتاب سهل على الله تعالى غير متعذر. ثم قال (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) يعني العذب والمالح ، ثم ذكرهما فقال (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) أي طيب بارد (سائِغٌ شَرابُهُ) أي جائز في الحلق هنيء (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) شديد الملوحة ، عن ابن عباس (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً) أي لتصطادوا منه أنواع السمك وتأكلوا لحمه (طَرِيًّا) ولا يجوز أن يهمز طريا لأنه من الطراوة (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً) يعني اللآلىء التي تخرج من البحر بالغوص (تَلْبَسُونَها) تتزينون بها وتلبسونها نساءكم ، ولو لا تسخيره سبحانه ذلك لكم لما قدرتم على الدنو منه ، والغوص فيه (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) أي وترى أيها الانسان السفن شواق في البحر ، وقواطع لمائه ، عن عكرمة ، وقيل : جواري ، عن ابن عباس (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي ولتركبوه للتجارة ، وتطلبوا من فضل الله تعالى (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي ولكي تشكروا الله على نعمه ليزيدكم منها ويثيبكم. والواو إنما دخلت في ذلك للدلالة على ان الله سبحانه أراد جميع ما ذكره انعاما منه على عباده (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل أحدهما في الآخر بالزيادة والنقصان (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي يجريهما كما يريد (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي كل واحد منهما يجري الى وقت معلوم ، وهو فناء الدنيا ، وقيام الساعة ، التي تكوّر عندها الشمس ، ويخسف القمر ، وتنكدر النجوم ، عن الحسن ، وقال ابن عباس : أراد بالأجل المسمّى درجاتهما ومنازلهما التي ينتهيان إليها ، ولا يجاوزانها (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) أي مدبّر هذه الأمور هو الله خالقكم (لَهُ الْمُلْكُ) في الدنيا والآخرة (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) أي تدعونهم آلهة من الأصنام والأوثان ، وتوجّهون عبادتكم إليهم (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) أي قشر نواة عن ابن عباس ، أي لا يقدرون من ذلك على قليل ولا كثير (إِنْ تَدْعُوهُمْ) لكشف ضرّ (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) لأنها جماد لا تنفع ولا تضرّ (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) لأنها جماد لا تنفع ولا تضرّ (وَلَوْ سَمِعُوا) بأن يخلق الله لها سمعا (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) أي يتبرّأون من عبادتكم ، ينطقهم الله يوم القيامة لتوبيخ عابديها فيقولون : لم عبدتمونا وما دعوناكم إلى ذلك قال البلخي : ويجوز أن يكون المراد به الملائكة وعيسى ويكون معنى قوله : (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) : انهم بحيث لا يسمعونه ، أو انهم مشتغلون عنهم لا يلتفتون إليهم ، ويجوز أن يكون المراد به الأصنام ، ويكون ما يظهر من بطلان ما ظنّوه كفرا بشركهم وجحودا له كما ان ما يحصل في الجماد من الدلالة على الله تسبيح منهم (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) أي لا يخبرك بما فيه الصلاح والفساد ، والمنافع والمضار ، مثل الله سبحانه العليم بالأشياء كلّها (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ) المحتاجون (إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُ) عن عبادتكم لا يحتاج إلى شيء (الْحَمِيدُ) المستحق للحمد على جميع أفعاله فلا يفعل إلّا ما يستحق به حمدا. ثم أخبر عن كمال قدرته فقال