شرّا له أي كان الكذب شرّا له (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى والمعنى : لا يؤاخذ بالذنب إلا من يرتكبه ويفعله (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) أي مصيركم (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يخبركم بما عملتموه ويجازيكم بحسب ذلك (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فلا يخفى عليه سرّ وعلانية (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) من شدة ومرض وقحط وغير ذلك (دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) أي راجعا إليه وحده لا يرجو سواه (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أي أعطاه (نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى أن يكشفه من قبل نيل هذه النعمة قال الزجاج : معناه : نسي الدعاء الذي كان يتضرع به إلى الله عزوجل من قبل ، وجائز أن يكون المعنى نسي الله الذي كان يتضرع إليه من قبل (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) أي سمّى له أمثالا في توجيه عبادته إليها من الأصنام والأوثان (لِيُضِلَ) الناس (عَنْ سَبِيلِهِ) أي عن دينه ، أو يضلّ هو عن الدين ، واللام لام العاقبة ، وذلك انهم لم يفعلوا ما فعلوه وغرضهم ذلك ، لكن عاقبتهم كانت إليه (قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) هذا أمر معناه : الخبر كقوله : إذا لم تستح فاصنع ما شئت والمعنى : ان مدة تمتعه في الدنيا بكفره قليلة زائلة (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) تعذّب فيها دائما (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) أي أهذا الذي ذكرناه خير أم من هو دائم على الطاعة ، عن ابن عباس والسدي وقيل : على قراءة القرآن وقيام الليل عن ابن عمر وقيل : يعني صلاة الليل عن أبي جعفر عليهالسلام (آناءَ اللَّيْلِ) أي ساعات الليل (ساجِداً وَقائِماً) يسجد تارة في الصلاة ويقوم أخرى (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) أي عذاب الآخرة (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي يتردّد بين الخوف والرجاء ، أي ليسا سواء ؛ وهو قوله (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي لا يستوي الذين يعلمون ما وعد الله من الثواب والعقاب والذين لا يعلمون ذلك (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) أي إنما يتعظ ذوو العقول من المؤمنين ؛ وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال نحن الذين يعلمون ، وعدوّنا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا أولو الألباب (قُلْ) يا محمد لهم (يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي صدّقوا بتوحيد الله تعالى (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) أي عقاب ربكم باجتناب معاصيه (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أي فعلوا الأعمال الحسنة وأحسنوا إلى غيرهم (فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) أي لهم على ذلك في هذه الدنيا حسنة ، أي ثناء حسن ، وذكر جميل ، ومدح وشكر ، وصحة وسلامة (وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) هذا حثّ لهم على الهجرة من مكة ، أي لا عذر لأحد في ترك طاعة الله ، فإن لم يتمكن منها في أرض فليتحوّل إلى أخرى يتمكن منها فيها كقوله : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها) (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ) أي ثوابهم على طاعاتهم ، وصبرهم على شدائد الدنيا (بِغَيْرِ حِسابٍ) لكثرته لا يمكن عدّه وحسابه ، وروى العياشي بالإسناد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا نشرت الدواوين ، ونصبت الموازين ، لم ينصب لأهل البلاء ميزان ، ولم ينشر لهم ديوان ، ثم تلا هذه الآية : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
١١ ـ ٢٠ ـ ثم خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (قُلْ) يا محمد لهؤلاء الكفار الذين تقدّم ذكرهم (إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) أي موحّدا له لا أعبد معه سواه ؛ والعبادة الخالصة هي التي لا يشوبها شيء من المعاصي (وَأُمِرْتُ) أيضا (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) فيكون لي فضل السبق وثوابه (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) أي عذاب يوم القيامة (قُلِ) لهم (اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) وطاعتي (فَاعْبُدُوا) أنتم معاشر الكفار