شركاء لله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فيما تقولون عن مجاهد وقيل : او اثارة من علم ، اي خبر من الانبياء عن عكرمة ومقاتل وقيل : هو الخط اي خبر من الانبياء عن عكرمة ومقاتل وقيل : هو الخط اي بكتاب مكتوب عن ابن عباس وقيل : خاصة من علم أوثرتم بها عن قتادة والمعنى : فهاتوا احدى هذه الحجج الثلاث : اولاها دليل العقل ، والثانية الكتاب ، والثالثة الخبر المتواتر ، فاذا لم يمكنهم شيء من ذلك فقد وضح بطلان دعواهم (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) اي من اضل عن طريق الصواب ممن يدعو من دون الله شيئا لو دعاه الى يوم القيامة لم يجبه ولم يغثه ، والمراد : انه لا يستجيب له ابدا (وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) اي ومن يدعونهم مع ذلك لا علم لهم بدعائهم ، ولا يسمعون دعاءهم وانما كنّى عن الاصنام بالواو والنون لما اضاف اليها ما يكون من العقلاء كقوله رأيتهم لي ساجدين.
النزول
قيل : نزلت الآية الاخيرة في عبد الله بن سلام وهو الشاهد من بني اسرائيل ، فروي ان عبد الله بن سلام جاء الى النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فأسلم وقال : يا رسول الله سل اليهود عني فانهم يقولون : هو أعلمنا ، فاذا قالوا ذلك قلت لهم : ان التوراة دالّة على نبوتك ، وإن صفاتك فيها واضحة ، فلما سألهم قالوا ذلك ، فحينئذ اظهر عبد الله بن سلام ايمانه فكذّبوه.
٦ ـ ١٠ ـ ثم ذكر سبحانه انه اذا قامت القيامة صارت آلهتهم التي عبدوها اعداء لهم فقال (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً) وكذلك قوله : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) (وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) يعني ان هذه الاوثان ينطقها الله حتى يجحدوا ان يكونوا دعوا الى عبادتها ، ويكفروا بعبادة الكفار ، ويجحدوا ذلك. ثم وصفهم الله سبحانه فقال (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) اي للقرآن والمعجزات التي ظهرت على يد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) اي حيلة لطيفة ظاهرة ، وخداع بيّن (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ) يا محمد لهم (إِنِ افْتَرَيْتُهُ) اي ان كذبت على الله ، واختلقت القرآن كما زعمتم (فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً) اي ان كان الامر على ما تقولون : اني ساحر مفتر فلا يمكنكم ان تمنعوا الله مني اذا اراد اهلاكي على افترائي عليه والمراد : كيف افتري على الله من اجلكم وانتم لا تقدرون على دفع عقابه عني ان افتريت عليه؟ (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) اي ان الله اعلم بما تقولون في القرآن وتخوضون فيه من التكذيب به ، والقول فيه انه سحر (كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ان القرآن جاء من عنده (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) في تأخير العقاب عنكم حين لا يعجل بالعقوبة قال الزجاج : هذا دعاء لهم إلى التوبة ، أي من أتى من الكبائر مثل ما أتيتم به من الافتراء على الله وعليّ ، ثم تاب فإن الله غفور له ، رحيم به (قُلْ) يا محمد (ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) أي لست بأول رسول بعث عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والبدع : الأول من الأمر (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) أي لا أدري أأموت أم أقتل ، ولا أدري أيّها المكذّبون أترمون بالحجارة من السماء ، أم يخسف بكم ، أم ليس يفعل بكم ما فعل بالأمم المكذّبة ، وهذا إنّما هو في الدنيا ، وأما في الآخرة فإنّه قد علم أنّه في الجنة وانّ من كذّبه في النار ، عن الحسن والسدّي وقيل : معناه لست أدّعي غير الرسالة ، ولا أدّعي علم الغيب ، ولا معرفة ما يفعله الله تعالى بي ولا بكم من الإحياء والإماتة ، والمنافع والمضارّ إلّا أن يوحى إليّ ، عن أبي مسلم وقيل : ما أدري ما أؤمر به ولا ما تؤمرون به عن الضحاك وقيل : ما أدري أأترك بمكّة أم أخرج منها بأن أومر بالتحول عنها إلى بلد آخر ، وما أدري أأومر بقتالكم أو بالكفّ عن قتالكم ، وهل ينزل بكم