من إستبرق وروي عن ابن مسعود أنه قال : هذه البطائن فما ظنكم بالظهائر وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من إستبرق فما الظهائر؟ قال هذا مما قال الله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) الجنى : الثمر المجتنى ، أي تدنو الشجرة حتى يجتنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا عن ابن عباس وقيل : ثمار الجنتين دانية إلى أفواه أربابها فيتناولونها متكئين ، فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك عن مجاهد (فِيهِنَ) أي في الفرش التي ذكرها (قاصِراتُ الطَّرْفِ) قصرن طرفهن على أزواجهن لم يردن غيرهم ، عن قتادة وقال أبوذر : إنها تقول لزوجها : وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، فالحمد لله الذي جعلني زوجتك وجعلك زوجي ، والطرف : جفن العين لأنه طرف لها ، ينطبق عليها تارة ، وينفتح تارة (لَمْ يَطْمِثْهُنَ) أي لم يفتضهن ، والافتضاض : النكاح بالتدمية ، والمعنى : لم يطأهن ولم يغشهن (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) فهن أبكار ، لأنهن خلقن في الجنة (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) أي هنّ على صفاء الياقوت ، في بياض المرجان (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) أي ليس جزاء من أحسن في الدنيا إلّا أن يحسن إليه في الآخرة ، وقيل : هل جزاء من قال لا إله إلا الله ، وعمل بما جاء به محمد صلىاللهعليهوآله إلّا الجنة ، عن ابن عباس ؛ وجاءت الرواية عن أنس بن مالك قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآية فقال : هل تدرون ما يقول ربكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن ربكم يقول : هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلّا الجنّة ، وقيل معناه : هل جزاء من أحسن إليكم بهذه النعم إلّا أن تحسنوا في شكره وعبادته.
٦٢ ـ ٧٨ ـ ثم قال سبحانه (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) أي ومن دون الجنتين اللتين ذكرناهما لمن خاف مقام ربه جنتان أخريان دون الجنتين الأوليين ، فإنّهما أقرب إلى قصره ومجالسه في قصره ، ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلى جنة على ما هو معروف من طبع البشر من شهوة مثل ذلك ، وإنما كان التنقل من جنّة إلى جنّة أخرى أنفع لأنه أبعد من الملل الذي طبع عليه البشر وقيل : ان المعنى انهما دون الجنتين الأوليين في الفضل ، فقد روي عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، ثم وصف الجنتين فقال (مُدْهامَّتانِ) أي من خضرتهما قد اسودتا من الري ، وكل نبت أخضر فتمام خضرته أن يضرب إلى السواد وهو على أتم ما يكون من الحسن (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) أي فوارتان بالماء ينبع من أصلهما ثم يجريان قال ابن عباس : تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور (فِيهِما فاكِهَةٌ) يعني ألوان الفاكهة (وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) عن يونس النحوي : ان النخل والرمان من أفضل الفواكه ، وإنما فصلا بالواو لفضلهما (فِيهِنَ) يعني في الجنات الأربع (خَيْراتٌ حِسانٌ) أي نساء خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه ، روته أم سلمة عن النّبي صلىاللهعليهوآله ، وقيل : خيرات : فاضلات في الصلاح والجمال ، حسان في المناظر والألوان ، وقيل : إنهن نساء الدنيا ترد عليهم وهن أجمل من الحور (حُورٌ) أي بيض حسان البياض ومنه الدقيق الحواري لشدة بياضه ، والعين : الحوراء إذا كانت شديدة بياض البياض ، شديدة سواد السواد ، وبذلك يتم حسن العين (مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) أي محبوسات في الحجال ، مستورات في القباب عن ابن عباس وأبي العالية والحسن والمعنى : انهن مصونات مخدرات لا يبتذلن وقيل مقصورات أي قصرن على أزواجهن فلا يردن بدلا منهن عن مجاهد والربيع وقيل : إن لكل زوجة خيمة طولها ستون ميلا عن ابن مسعود ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال :