نعم قاعدة الطهارة في الشبهات الموضوعية قاعدة فقهية ، وهكذا قاعدة اليد وقاعدة الفراغ وأصالة الصحّة وأمثالها ، فإنّها بأنفسها قابلة لإلقائها إلى المقلّدين وكتابتها في الرسائل العمليّة ، وإنّما المسألة الأصولية هي مداركها.
ثمّ إنّ المراد من الاستنباط معناه اللغوي ، وهو الاستخراج ، ولا حاجة إلى ما تكلّف به بعض (١) مشايخنا المحقّقين من جعله بمعنى تحصيل الحجّة للحكم الشرعي وما يكون منجّزا له عند الإصابة أو معذّرا عنه مع المخالفة ، لما عرفت من تمامية التعريف من دون تغيّر فيه ، وشموله لجميع ما يكون من مسائل علم الأصول ، فارتكاب مثل هذا التكلّف والخلاف الظاهر لإدخال الأصول العملية والظنّ الانسدادي على تقدير الحكومة ، بلا وجه.
مضافا إلى عدم تماميته في نفسه ، إذ يخرج من التعريف حينئذ جميع ما يستنبط منه الأحكام غير الإلزامية مع الموافقة للواقع بمعنى أنّه إذا قام خبر على إباحة شيء مثلا وكان في الواقع مباحا أيضا لا يكون البحث عن مثل هذا الخبر من مسائل علم الأصول على هذا التعريف ، وهكذا فيما إذا قام الخبر على وجوب أو حرمة ما هو مباح واقعا ، إذ لا معنى لتحصيل ما يكون منجّزا أو معذّرا في أمثال هذه الموارد ، فإنّه إنّما يتصوّر فيما إذا كان الحكم الواقعي حكما إلزاميّا وقام الخبر مثلا على خلافه ، أو كان
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٤٢.