وفيه : أنّ التكاليف الشرعية وإن كانت متعلّقاتها معدّات لأغراضها وملاكاتها إلّا أنّ لكلّ معدّ أثرا يكون ترتّب هذا الأثر على ذلك المعدّ من قبيل ترتّب المعلول على علّته التامّة وإن كان ترتّب الأثر الأصلي ـ الّذي هو الغرض الأقصى وغاية الغايات ـ عليه لا يكون كذلك.
مثلا : وجود الحطب والأرز والسمن والطبّاخ وطبخه كلّها معدّات لحصول الطبيخ ، وهو لا يترتّب على وجود الحطب فقط ، أو الأرز كذلك ، وهكذا ، إلّا أنّ لوجود الحطب أثرا ، وهو تمكّن الطبّاخ من تسخين الماء في القدر يكون ترتّبه عليه كترتّب المعلول على علّته التامّة ، ولا ينفكّ عنه.
وعلى هذا ، الأثر الإعدادي الّذي هو الغرض من الأمر في الحقيقة مقدور للمكلّف بالواسطة ، فهو مكلّف بما يحتمل دخله في حصول هذا الغرض ولا بد من إتيانه بناء على وجوب تحصيل الغرض بحكم العقل ، فهذا الجواب لا يسمن ولا يغني من الجوع.
فالتحقيق في الجواب : أنّ الغرض في التكاليف الشرعيّة حيث إنّه أمر إجمالي لا يدركه عامّة الناس ولا يعلمون به وبأنّ محصّله ما ذا ، لا يمكن أن يقع تحت الأمر ، بل لا بدّ للمولى أن يأمر بما يحصّل غرضه وبكلّ ما له دخل في تحصيل غرضه ، وليس له أن يأمر بالغرض ويقول : «انه نفسك عن الفحشاء» مثلا بدون ذكر [محصّل الغرض] ، فإن أخلّ بشيء ممّا له دخل في حصول