الحروف والهيئات ، فكلّ منهما وضع لتحصّص المفهوم الاسمي بحصّة خاصّة ، ومفيد لتخصّصه بخصوصيّة وتقيّده بقيد على أنحاء التقيّدات من حيث المكان والزمان والآلة وغير ذلك من ملابساته ، وهذا من دون فرق بين كون تلك الحصّة موجودة في الخارج أو معدومة ، ممكنة أو ممتنعة.
فلفظة «في» في قولنا : «الصلاة في المسجد مستحبّة» مقيّدة ، لأنّ الصلاة طبيعيّها على سعته وسريانه ليس موضوعا لهذا الحكم ، بل الموضوع حصّة خاصّة منه ، وهي خصوص الحصّة الواقعة في المسجد وهكذا في قولنا : «ثبوت العلم للإنسان ممكن ، ولله تعالى ضروريّ ، والجهل له تعالى ممتنع» ، فإنّ الجميع على نسق واحد في أنّ أغلب الحروف مضيّق (١) لسعة دائرة معاني الأسماء ، وبهذا المعنى يصحّ إطلاق الإيجاديّة عليها حيث إنّها موجدة للتضيّق.
ولعلّه المراد من قوله عليهالسلام في الرواية المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام : «الحرف ما أوجد معنى في غيره لا في نفسه» (٢).
وببيان آخر : لا إشكال في أنّ الأسماء وضعت للمعاني
__________________
(١) فيه أنّ هذا تغيير العبارة ، فإنّ إيجاد الربط والتضييق بمعنى واحد ، بل التضييق لازم لإيجاد الربط ، فهو ـ دام ظلّه ـ أخذ اللازم من دون الملزوم ، بل المعنى شيء عام يحصل به الربط والتضييق ، فمعنى الحرف ليس هو الربط ولا التضييق ، بل أمر ثالث ، وهما لازمان له. (م).
(٢) بحار الأنوار ٤٠ : ١٦٢ من دون «لا في نفسه».