وثالثا لو فرضنا وجود جامع حقيقي بين أفراد الصلاة مع كونها لا تدخل تحت مقولة واحدة ، فهو ممّا لا يفهمه عامّة الناس ، بل أمر دقّي يلتزم به من باب أنّه لا يمكن أن يصدر الواحد من المتعدّد ، والجامع الّذي هو محلّ البحث هو الجامع العرفي الّذي يعرفه كلّ عربيّ : البدوي والقروي والمدني ، لا ما لا يصل إليه إلّا الأوحدي من الناس.
الوجه الثاني : ما أفاده بعض المحقّقين (١) من أنّ الجامع الماهوي وإن كان لا يعقل بين أفراد الصلاة ، الصحيحة إلّا أنّ الجامع الوجوديّ يمكن تصويره ، فإنّ جميع أفراد الصلاة على اختلاف مراتبها كمّا وكيفا تشترك في حقيقة الوجود.
وما أفاده من الغرائب ، فإنّ هذه الألفاظ أسام للماهيات لا الوجودات ، فالصلاة اسم لماهيّة خاصّة تتّصف بالوجود تارة وبالعدم أخرى ، فيقال : صلّى زيد ولم يصلّ عمرو مثلا ، ولذا ترتّب أحكام على نفس الطبيعي بما هو.
هذا ، مع أنّ الجامع الوجوديّ بين الأفراد الصحيحة من الصلوات الموجودة على اختلافها كمّا وكيفا لا يتصوّر إلّا حقيقة الوجود ، التي لا تختصّ بموجود دون آخر ، ويشترك فيها جميع موجودات العالم حتى وجود الباري عزّ اسمه ، وليس هناك وجود
__________________
(١) هو صاحب المقالات آقا ضياء العراقي ، راجع مقالات الأصول ١ : ١٤٢ ، ونهاية الأفكار ١ : ٨٢.