مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر. (١)
وقد اختار ابن عاشور ( المتوفّـى عام ١٢٨٤ هـ ) هذا المعنى ، فذكر للتفسير بالرأي هذين الوجهين ، أيضاً وقال :
الأوّل : أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة فيتأوّل القرآن على وفق رأيه ويصرفه عن المراد ويُرغمه على تحمله ما لا يساعد عليه المعنى المتعارف ، فيجرّ شهادة القرآن لتقرير رأيه ، ويمنعه عن فهم القرآن حقّ فهمه ما قيّد عقله من التعصب ، عن أن يجاوزه فلا يمكنه أن يخطر بباله غير مذهبه.
الثاني : انّ المراد بالرأي هو القول عن مجرّد خاطر دون استناد إلى نظر في أدلّة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها ، وما لا بدّ منه من معرفة الناسخ والمنسوخ وسبب النزول فهذا لا محالة إن أصاب فقد أخطأ في تصوره بلا علم. (٢)
فعلى ذلك التفسير بالرأي يتلخص في أمرين :
الأوّل : أن يتوخى من تفسير القرآن دعم عقيدته ورأيه المُسْبَق حتى يحتج بالآية على الخصم أو يبرر به عمله ، ففي ذلك الموقف ينظر المفسر إلى القرآن لا بنظر الاهتداء بل بنظر دعم موقفه وعقيدته ومذهبه.
الثاني : الاستبداد بالرأي في تفسير القرآن من دون أن يقتفي الأُسلوب الصحيح في تفسير القرآن حسب ما قدمناه عند البحث في مؤهلات المفسر.
ويظهر من السيد الطباطبائي انّه خص التفسير بالرأي بالقسم الثاني ببيان آخر وهو أنّ كلام الله سبحانه لرفع مستواه لا يُفسّر كما يفسّر به كلام الإنسان حيث قال :
______________________
١. تفسير القرطبي : ١ / ٣٣ ـ ٣٤. ولاحظ تفسير الصافي : ١ / ٣٩.
٢. التحرير والتنوير : ١ / ٣٠ ـ ٣١.