[الأنعام : ٦٣] وأراد بالظلمات : الشدائد والأهوال التي تصيبهم.
ألا ترى أنه قال : (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأنعام : ٦٣] عند الشدائد والأهوال كانوا يدعون ربهم تضرعا وخفية ، على ما ذكرهم هاهنا عظيم سلطانه وقدرته لما يدفع عنهم الشدائد [وينجيهم من](١) الأهوال التي تنزل بهم ، فالدافع عنهم ذلك هو لا (٢) الأصنام التي يعبدون [من](٣) دون الله ويشركونها في عبادته.
ويذكر في قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) عظيم ما أنعم عليهم بما جعل لهم من السماء نجوما ليهتدوا بها للطرق (٤) والمسالك في البحار والبراري عند اشتباهها عليهم.
وفيه دليل وحدانية الرب وتدبيره وحكمته ؛ لأنه جعل في السماء أدلة يهتدون بها ، ويستدلون على معرفة الطرق (٥) مع بعد ما بينهما من المسافة ، وتسوية أسباب الأرض بأسباب السماء ، وتعلق منافع بعضها ببعض ؛ ليعلموا أنه كان بواحد مدبر عليم حكيم ؛ إذ لو كان بعدد أو بمن (٦) لا تدبير له ولا حكمة ، لم يحتمل ذلك ، ولم يتسق ما ذكرنا ؛ دل أنه كان بالواحد العليم الحكيم ، مع علمهم أن الأصنام التي يعبدونها وأشركوها في عبادته لا يقدرون على ذلك ، لكنهم يعبدونها ويشركونها في ألوهيته سفها منهم وعنادا ، وبالله العصمة والتوفيق.
وفي قوله : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) [الأنعام : ٩٥] ، وقوله : (فالِقُ الْإِصْباحِ) [الأنعام : ٩٦] ، وقوله : (جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها) ، وغير ذلك من الآيات التي (٧) ذكر تذكير نعمه وإحسانه إليهم ليتأدى بذلك شكرهم (٨) وجعل السعي له.
وجائز أن يستدل به على تذكير قدرته وسلطانه : أن من قدر على ما ذكر لا يحتمل أن يعجزه شيء.
و [فيه](٩) تذكير تدبيره وعلمه وحكمه على ما ذكرنا من اتساق الأمور والحال على أمر
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) في أ : لا هؤلاء.
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : الفرق.
(٥) في أ : الفرق.
(٦) في ب : أو بواحد.
(٧) في ب : الذي.
(٨) في ب : شكره.
(٩) سقط في ب.