ثم ذكر في القصّة (١) أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا يسبون آلهتهم فيسبون الله ؛ عدوا بغير علم ، وذكر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر آلهتهم بسوء ؛ فقالوا : لتنتهين عن ذلك أو لنهجون ربك.
وعن ابن عباس (٢) ـ رضي الله عنه ـ وذلك حين قال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] الآية ، فقالوا عند ذلك ما قالوا ؛ فنزل : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ) ، ولكن لا ندري كيف كانت القصة ، ولكن فيه ما ذكرنا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).
قال الكيساني وأبو عوسجة (٣) : (عَدْواً) : من الاعتداء ، وهو مجاوزة الحد.
وقال أبو عمرو (٤) : (عدو) : بالرفع (٥) ، وقال : إنما العدو من عدو الرجلين ؛ وكذلك قال في يونس : (عَدْواً) [يونس : ٩٠].
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٠٤) (١٣٧٤٣) (١٣٧٤٥) عن قتادة بنحوه ، (١٣٧٤٤) عن السدي ، و (١٣٧٤٦) عن ابن زيد وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧١ ـ ٧٢) وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي ولعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
(٢) ذكره أبو حيان في البحر المحيط (٤ / ٢٠١) ، والخازن والبغوي في تفسيرهما (٢ / ٤٢٦) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣٠٤) (١٣٧٤٢) عن ابن عباس بنحوه وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٧١) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٣) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن (١ / ٢٠٣) : عدوا أي : اعتداء.
(٤) وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان ، وقيل ابن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحسين بن الحارث بن جلهمة بن خزاعي بن مالك ، ابن عمرو بن تميم التميمي ، ثم المازني. وعن الأصمعي رواية قال اسمه زبان.
وقيل إنه قرأ على أبي العالية الرياحي ، ولم يصح مع أنه أدركه ، وأدرك من حياته نيفا وعشرين سنة ، وقيل إنه عرض بالمدينة على أبي جعفر ويزيد بن رومان ، وشيبة.
وعرض بالبصرة على يحيى بن يعمر ، ونصر بن عاصم ، والحسن وغيرهم وحدث عن أنس بن مالك وعطاء بن أبي رباح ، ونافع وأبي صالح السمان ، قرأ عليه خلق كثير.
وأخذ عنه القراءة والحديث والآداب أبو عبيدة ، والأصمعي وشبابة ، ويعلى بن عبيد والعباس ابن الفضل ومعاذ بن معاذ ، وسلام أبو المنذر بن نصر الجهضمي ، ومحبوب بن الحسن ومعاذ بن مسلم النحوي ، وهارون بن موسى ، وعبيد بن عقيل.
ولد بمكة سنة ثماني وستين ، ونشأ بالبصرة ، ومات بالكوفة ، وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة. توفي أبو عمرو سنة أربع وخمسين ومائة.
ينظر : تهذيب الكمال (٣٤ / ١٢٠) ، ومعرفة القراء الكبار (١ / الترجمة ٣٩).
(٥) وقرأ الحسن ، وأبو رجاء ، ويعقوب ، وقتادة ، وسلام ، وعبد الله بن زيد : (عدوّا) بضم العين والدال ، وتشديد الواو ، وهو مصدر أيضا ل (عدا) وقرأ ابن كثير في رواية ـ وهي قراءة أهل مكة المشرفة فيما نقله النحاس : «عدوا» بفتح العين ، وضم الدال ، وتشديد الواو ، بمعنى : أعداء ، ونصبه على الحال المؤكدة ، و «عدوا» يجوز أن يقع خبرا عن الجمع ، قال ـ تعالى ـ : (هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون : ٤] ، وقال ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) [النساء : ١٠١] ، ويقال : عدا ـ