مخرج](١) عن قوله : (عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ...) ، والله أعلم.
ثم في قوله : (مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ ...) الآية دلالة أن الحرمة التي ذكر في قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ ...) إلى آخر ما ذكر حرمة الأكل والتناول منها ؛ لأنه لم يبين في تلك الآية ما الذي حرم منها سوى ما ذكر حرمته (٢) تفسرها (٣) هذه الآية.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً)
دل هذا أن الحرمة في تلك الآية الأكل والتناول منها ؛ وكذلك قوله : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) [المائدة : ٥] : ذكر الحل ، ولم يذكر الحكم ، لما ذا؟ ثم جاء التفسير في هذه الآية أنه للأكل ، ثم الميتة التي ذكر أنها محرمة ليست هي التي ماتت حتف أنفها خاصة.
ألا ترى (٤) أنه ذكر : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) [المائدة : ٣] ، (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) [المائدة : ٣].
[و] قال : (وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ) [المائدة : ٣] ، كل هذا الذي ذكر لم يمت حتف أنفه ، ولكن بأسباب لم يؤمر بها ؛ فصارت ميتة ؛ فدل أن كل مذبوح أو مقتول بسبب لم يؤمر به فهو ميتة ، لا يحل التناول منها إلا في حال الاضطرار.
وفي قوله : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً).
دلالة أن المحرم من الدم هو المسفوح ، والدم الذي يكون في اللحم ويخالط اللحم ليس بحرام ، والدم المسفوح حرام (٥).
__________________
ـ بأحاديث ، منها قوله صلىاللهعليهوسلم : «أيما إهاب دبغ فقد طهر» ، ولأن الدباغة وسيلة لتطهير الجلود بإزالة ما بها من نتن وفساد فينتفع بها كما ينتفع من سائر الأشياء الطاهرة.
ينظر : المصباح المنير (دبغ) ، المعجم الوسيط (دبغ) ، حاشية ابن عابدين (١ / ١٣٦) ، ونهاية المحتاج (١ / ٢٣٢) ، والخرشي (١ / ٨٨) ، ومغني المحتاج (١ / ٨٢).
(١) في أ : فظهر.
(٢) في ب : حرمة.
(٣) في أ : يفسرها.
(٤) في ب : ألا يرى.
(٥) الدم بالتخفيف ، هو ذلك السائل الأحمر الذي يجري في عروق الحيوانات ، وعليه تقوم الحياة. واستعمله الفقهاء بهذا المعنى ، وكذلك عبروا به عن القصاص والهدي في قولهم : مستحق الدم ـ يعني ولي القصاص ـ وقولهم : يلزمه دم. كما أطلقوه على ما تراه المرأة في الحيض ، والاستحاضة ، والنفاس أيضا.
واتفق الفقهاء على أن الدم حرام نجس لا يؤكل ولا ينتفع به ، وقد حمل المطلق في سورة البقرة على المقيد في سورة الأنعام ، في قوله تعالى : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً)[الأنعام : ١٤٥]. ينظر : الاختيار ـ