فيقولون : الله ؛ لأنهم كانوا يقرون أنه خالق السموات والأرض ، وأنه أعظم من كل شيء ؛ لكنهم (١) يشركون غيره في عبادته ، ويقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] وإلا كانوا يقرون بالعظمة له والجلال ، فإذا سئلوا : (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) ، فيقولون : الله.
ويحتمل ـ أيضا ـ أن يقول لنبيّه صلىاللهعليهوسلم إنهم إذا سألوا : (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً)؟ قل : الله ، فإنك إذا قلت لهم ذلك يقولون هم أيضا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ).
في كل اختلاف بيننا وبينكم في التوحيد ، والبعث بعد الموت ، ونحوه.
ويحتمل : (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) في كل حجة وبرهان أتاهم الرسول به.
وفي قوله : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ) دلالة أنه يقال له شيء ؛ لأنه لو لم يجز أن يقال له شيء لم يستثن الشيء منه (٢) ، وكذلك في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] أنه
__________________
ـ قبل الفتح وقاتل ومن أنفق من بعده وقاتل ، ويدل على المحذوف قوله : (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا).
الثالث : أن يرد على غير هذين الوجهين ، فلا يكون استفهاما ، ولا نفيا وإثباتا ، وذلك كقول أبي تمام : [الكامل]
يتجنب الآثام ثم يخافها |
|
فكأنما حسناته آثام |
وقال ابن الأثير : وكنت سئلت عن معناه ، وقيل : كيف ينطبق عجز البيت على صدره ، وإذا تجنب الآثام وخافها فكيف تكون حسناته آثاما؟ ينظر المعجم المفصل ص (١٥٦ ـ ١٥٧)
(١) في ب : لكنه.
(٢) قال القاسمي : استدل الجمهور بقوله تعالى (قُلِ اللهُ) في جواب (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) على جواز إطلاق (الشيء) عليه تعالى. وكذا بقوله سبحانه وتعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] ، فإن المستثنى يجب أن يدخل تحت المستثنى منه ، وذلك لأن الشيء أعم العام ـ كما قال سيبويه ـ لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه. واختار الزمخشري شموله حتى للمستحيل. وصرح كثير من المحققين بأنه يختص بالموجود ، وضعفوا من أطلقه على المعدوم ، بأنه محجوج بعدم استعمال العرب ذلك ، كما علم باستقراء كلامهم ، وبنحو (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، إذ المعدوم لا يتصف بالهلاك ، وبنحو : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)[الإسراء : ٤٤] إذ المعدوم لا يتصور منه التسبيح.
قال الناصر في الانتصاف : هذه المسألة معدودة من علم الكلام باعتبار ما ، وأما هذا البحث فلغوي ، والتحاكم فيه لأهل اللغة وظاهر قولهم : غضبت من لا شيء.
.............................................. . |
|
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا |
أن الشيء لا يطلق إلا على الموجود ، إذ لو كان الشيء كل ما يصح أن يعلم ، عدما كان أو وجودا ، أو ممكنا أو مستحيلا ، لما صدق على أمر ما أنه ليس بشيء ، والأمر في ذلك قريب.
هذا ، وتمسك من منع إطلاقه عليه تعالى بقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها)[الأعراف : ١٨٠] والاسم إنما يحسن لحسن مسماه ، وهو أن يدل على صفة من صفات الكمال ، ونعت من نعوت الجلال. ولفظ (الشيء) أعم الأشياء ، فيكون مسماه حاصلا في ـ