وإحسان.
أو قوم نصبهم الله لمحاجة أهل النار ؛ كقوله : (ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأعراف : ٤٨] ، فهذه هي المحاجة التي يحاجون بها أهل النار.
أو أن يقال : هم قوم نصبوا يترجمون بين أهل الجنة وأهل النار ، يؤدون كلام بعضهم إلى بعض ، وينهون مخاطبات بعض إلى بعض ، من ذلك قوله : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) [الأعراف : ٥٠] ، وقوله : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) [الأعراف : ٤٤] ، ونحوه. والله أعلم من هم؟
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ).
قيل (١) : المؤمن يعرف ببياض وجهه ، والكافر : بسواد وجهه.
ويحتمل ما قال الحسن : هو أن يعرفوا بالمنازل والأماكن.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ).
يعني : نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة.
(أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ).
ليس أن يقولوا سلام (٢) عليكم باللسان خاصة ؛ ولكن في كل كلام سديد وقول حسن وصواب ؛ كقوله : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً) [مريم : ٦٢] ، أي : سديدا صوابا ، وكذلك [قوله](٣) : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) [الفرقان : ٦٣] ليس على أن يقولوا : سلام عليكم ، ولكن يقولون لهم قولا صوابا محكما ؛ فعلى ذلك الأول.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ).
اختلف فيه : قال عامّة أهل التأويل (٤) : هم أصحاب الأعراف لم [يدخلوا الجنة](٥)
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٥ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤) عن كل من : ابن عباس (١٤٧٢٤ ، ١٤٧٢٥ ، ١٤٧٢٨ ، ١٤٧٢٩) ، والضحاك (١٤٧٣٠) (١٤٧٣٤) ، ومجاهد (١٤٧٢٦ ، ١٤٧٢٧) ، والسدي (١٤٧٣١) ، وقتادة (١٤٧٣٢) ، وابن زيد (١٤٧٣٣) ، والحسن (١٤٧٣٥) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٦٤) وعزاه لابن جرير عن مجاهد.
(٢) في ب : بسلام.
(٣) سقط في أ.
(٤) أخرجه ابن جرير (٥ / ٥٠٤ ـ ٥٠٥) (١٤٧٣٦) عن السدي ، (١٤٧٣٨) عن قتادة ، (١٤٧٣٧) عن الحسن البصري ، (١٤٧٣٩) عن ابن مسعود ، (١٤٧٤٠) عن عطاء وعكرمة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٦٥) وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن.
(٥) في ب : بدخولها.