وهم يطمعون دخولها.
وقيل : هم كفار أهل النار يطمعون أن ينالوا منها ؛ كقوله : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) ، إلى هذا الوقت كانوا يطمعون دخولها والنيل منها ، ثمّ أيسوا بهذا.
وقال بعضهم : هم أهل الجنة يطمعون دخولها قبل أن يدخل أهل الجنة [الجنة](١) ، وقبل أن يدخل أهل النار النار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ).
قيل (٢) : وإذا صرفت أبصار أصحاب الأعراف إلى أهل النار.
(قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
من شدة ما يرون من العذاب وما نزل بهم.
وقيل (٣) : وإذا صرفت أبصار أهل الجنة تلقاء أصحاب النار ، قالوا ذلك.
وفي حرف أبي (٤) : وإذا قلبت أبصارهم نحو أصحاب النار ، قالوا : عائذون بك أن تجعلنا ربنا مع القوم الظالمين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
إن كان ذلك الدعاء من الأنبياء أو من أهل كرامة الله من الذين كانوا على الأعراف ، فذلك منهم شهادة أنهم ظلمة وكفرة ، ومعنى التعوذ منهم من النار ؛ لأنهم لم يدخلوا الجنة بعد ؛ فيخافون لقصور كان منهم في شكر المنعم ، أو بالطبع يتعوذون كما يتعوذ كل أحد إذا رأى أحدا في البلاء ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ).
قال عامة أهل التأويل : يعرفون بسواد الوجوه وزرقة العيون ، ولكن أمكن أن يعرفوا بالأعلام التي كانت لهم في الدنيا سوى سواد الوجوه ؛ لأنهم يخاطبونهم بقوله : (قالُوا ما
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه ابن جرير (٥ / ٥٠٥ ـ ٥٠٦) (١٤٧٤٢) عن السدي ، (١٤٧٤٣) عن ابن عباس ، (١٤٧٤٤) عن عكرمة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٦٥) وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة.
(٣) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٦٥) وعزاه لعبد بن حميد عن أبي مجلز.
(٤) وهي قراءة الأعمش كما في الكشاف (٢ / ١٠٧) ، والبحر المحيط (٤ / ٣٠٥) ، والدر المصون (٣ / ٢٧٦) ، واللباب في علوم الكتاب (٣ / ٢٧٦). وهذه القراءة من الشواذ ، عبر عنها صاحب الدر المصون ـ وهو السمين الحلبي ـ بأنها مخالفة للسواد كقراءة «لم يدخلوها وهم ساخطون» أو «هم طامعون» على أن هذا أقرب.