والقوة ، في قوله : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً) [فصلت : ١٥].
والسعة في الأموال بقوله : (بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) [الفجر : ٦ ـ ٧].
وفضل [العلم](١) ، بقوله : (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) [العنكبوت : ٣٨].
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ).
قال بعضهم : الآلاء : هي [في](٢) دفع البلايا ، والنعماء هي في سوق النعماء إليه ، ولكن هما واحد ؛ لأنه ما من بلاء يدفع عنه إلا وفي ذلك سوق نعمة أخرى إليه ؛ ولأن الله ـ تعالى ـ ذكر في سورة الرحمن الآلاء بجميع ما ذكر إنما ذكر على سوق النعم إليه قوله : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) [الرحمن : ١٣] حيث قال : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [الرحمن : ١ ـ ٤] إلى [آخر](٣) ما ذكر من السورة ، وهو ذكر في سوق النعم لا في دفع البلايا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أي : تفلحون إن ذكرتم نعمه ، وشكرتم له عليها ، ولم تصرفوا عبادتكم وشكركم إلى غيره ، أو يقول : لكي يلزمكم الفلاح ، أو حتى تكونوا من أهل الفلاح.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا).
هذا يدل أن رسالته التي يبلغها إليهم هي دعاؤه إياهم إلى عبادة الله [وحده](٤) ، وتركهم عبادة من دونه ، حيث قالوا : (أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا) [ولا شك](٥) أنه إنما جاءهم ليعبدوا الله وحده ، وجاءهم ليذروا ما كان يعبد آباؤهم.
ثم في قولهم (٦) تناقض ؛ لأنهم كانوا ينكرون أن يكون من البشر رسول بقولهم : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المؤمنون : ٣٣] لم يرضوا برسالة البشر ، ورضوا بألوهية الأحجار والخشب ، ثم يقلدون آباءهم في عبادتهم غير الله ، وفي آبائهم من يعبد الله لا يعبد غيره ، وهم الذين [نجوا](٧) مع نوح ، فكيف لم
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سقط في أ.
(٣) سقط في أ.
(٤) سقط في ب.
(٥) سقط في ب.
(٦) في ب : فعلهم.
(٧) سقط في أ.