وقوله : (ما يَأْفِكُونَ) قيل : ما يكذبون (١).
قال الحسن (٢) : (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) حبالهم وعصيهم.
وقيل : (تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) ما جاءوا به من الكذب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَوَقَعَ الْحَقُ).
قيل (٣) : أي : ظهر الحق ، (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
هذا يحتمل وجهين :
أحدهما : (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ، أي : بطل ما عملوا من السحر.
والثاني : (وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي : ترك (٤) السحرة العمل بالسحر إذ ظهر الحق لهم ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَغُلِبُوا هُنالِكَ).
أي : عند ذلك غلب السحرة ؛ لأنهم قالوا لفرعون في الابتداء : (إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) [الأعراف : ١١٣] ، فذكر هاهنا أنهم غلبوا عند ظهور الحق ، لا أنهم صاروا غالبين ، وقوله : (فَغُلِبُوا هُنالِكَ) ليس غلبة القهر والقسر ، ولكن غلبة بالحجج والبراهين ، أي : غلبوا بالحجج والآيات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ).
قال بعض أهل التأويل (٥) : رجع السحرة لما غلبوا صاغرين مذللين.
لكن نقول : رجع فرعون وقومه إلى منازلهم مذللين لا السحرة ؛ لأن السحرة قد آمنوا فلا يحتمل أن يوصفوا بالرجوع صاغرين مذللين ، وقد رجعوا مع الإيمان.
وقوله : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) اختلف فيه :
__________________
ـ والسكون والأدوية البسيطة والمركبة وأعمال اليد لغرض حفظ الصحة وعلاج الأمراض بحسب الإمكان. انتهى.
ينظر : أبجد العلوم (٢ / ٣٥٣ ، ٣٥٤).
(١) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٢ ـ ٢٣) (١٤٩٥٥ و١٤٩٥٦) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٩) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٣) (١٤٩٥٧) ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٩) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن البصري.
(٣) أخرجه ابن جرير (٦ / ٢٣) (١٤٩٥٨) و (١٤٩٥٩) و (١٤٩٦٠) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٠) وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٤) في أ : تلك.
(٥) انظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٦٢).