قال بعضهم : [قوله](١) : (وَأُلْقِيَ) ، أي : أمروا بالسجود ، فسجدوا.
وقال آخرون (٢) : قوله : (وَأُلْقِيَ) ، أي : لسرعة ما سجدوا ، كأنهم ألقوا ، والآية [ترد](٣) على المعتزلة ؛ لأنهم ينكرون أن يكون لله تعالى في فعل العباد صنع ، وهاهنا قد أضيف الفعل إلى غيرهم بقوله : (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) دل أن لله في فعل العباد صنعا. وهو أن خلق فعل السجود منهم.
وقال جعفر بن حرب : يجوز أن يضاف الفعل إلى غير ، وإن لم يكن لذلك الغير في ذلك الفعل صنع ؛ نحو : ما يقال في السفر : إن هؤلاء خلفوا (٤) أولئك ، وهم لم يخلفوا (٥) أولئك في الحقيقة ، ولا صنع لهم في التخليف (٦) ، ثم أضيف إليهم فعل التخليف ، فعلى ذلك هذا.
يقال : إن لهم في ذلك صنعا ، وهو أنهم إذا لم ينتظروهم فقد خلفوهم ، فلهم في ذلك صنع ، فأضيف إليهم.
أو أن يقال : إنهم لا يملكون تخليف هؤلاء فأما الله سبحانه وتعالى فهو قادر أن يلقيهم أي : بما يخلق (٧) منهم فعل السجود ، فأضيف الفعل إليه لذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) قال بعض أهل التأويل : إنهم لما قالوا : آمنا برب العالمين ، قال لهم فرعون : إياي تعنون ، فعند ذلك قالوا : لا ، ولكن ربّ موسى وهارون ، ولكن لا ندري هذا ، وموسى أول ما جاء فرعون ودعاه إلى دينه قال له : (إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) [الأعراف : ١٠٤] ، فلا يحتمل أن يشكل عليه قولهم : (آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) أنهم إياه عنوا بذلك ، وجائز أن يكون آمنا بربّ العالمين الذي أرسل موسى وهارون رسولا (٨).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) انظر تفسير الخازن والبغوي (٢ / ٥٦٢).
(٣) سقط في ب.
(٤) في أ : خلقوا.
(٥) في أ : يخلقوا.
(٦) في أ : التخلف.
(٧) في ب : أي يخلق.
(٨) أرسل الله ـ عزوجل ـ موسى إلى فرعون وملئه وإلى بني إسرائيل ، بعد أن شد عضده بأخيه هارون ؛ ليبين لهم طريق الحق فيخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الذل والعبودية إلى العز والحرية ، فدعاهم إلى الإيمان بالله وتوحيده بأسمائه وصفاته ، وعبادته وحده لا شريك له ، وإلى الإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من بعث وجزاء ، وإلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والصيام والحج ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تلك أصل دعوة موسى عليهالسلام ، وأصل ـ