وقيل : قوله : (بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) وذلك أنهم حين قالوا : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣].
وقوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) ، [يحتمل قوله (وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) أي : حبسوا إذ لو وقف حبس (١)](٢) ، والنار لا يوقف عليها ، بل يكون فيها ما قال ـ عزوجل ـ : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر : ١٦] وقال : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) [الأعراف : ٤١] ويحتمل الوقف عندها قبل الدخول في حال الحساب للمساءلة ؛ كقوله : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ ...) الآية [الصافات : ٢٢](وَلَوْ تَرى) أي : لو ترى ذلهم وخضوعهم ، كقوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) [السجدة : ١٢] ولم يذكر (٣) جواب «لو» ، وقد يترك جواب (لو) لما يعلم ربما [يعلم] بالتأمل أو بالذكر ؛ كقوله : (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) [النور : ١٢] بمعنى ظننتم ، أو على ما ذكر في موضع آخر ؛ نحو قوله : (قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا) وكذلك قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ)(٤) [النور : ١٠] وغير ذلك ، فلعل معناه : لو ترى ذلهم بعد استكبارهم لرحمتهم على ما هم عليه ، ولهان عليك التصبر لأذاهم ، ولأشفقت عليهم.
ويحتمل قوله : ولو ترى ما ينزل بهم من نقمة الله ، ويحل بهم من عذابه ، لعلمت أن القوة لله جميعا ، وأنه بحلمه ورحمته يملي لهم ويسترجعهم ؛ كقوله : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [البقرة : ١٦٥].
ويحتمل أن يكون جوابه فيما ذكر من تمنيهم العود ، وندامتهم على ما سلف منهم ، وشدة تلهفهم على صنيعهم لرأيت ذلك أمرا عظيما (٥) ، وجزاء بالغا ، لما يكون (٦) ما ينزل بهم أعظم عندك مما تلقى منهم.
وقد يخرج الخطاب لرسول الله على تضمن تنبيه كل مميز وتبصير كل متأمّل ، والله أعلم.
__________________
(١) ذكره ابن جرير (٥ / ١٧٤) وبمعناه ذكره الرازي في تفسيره (١٢ / ١٥٧ ـ ١٥٨) وابن عادل في اللباب (٨ / ٩٠) ، والبغوي في تفسيره (٢ / ٩٢).
(٢) سقط في أ.
(٣) في ب : يبين.
(٤) زاد في أ : إنما يجيب ل «لو». وفي ب : إنما يجب ل «لو».
(٥) في ب : كافيا.
(٦) زاد في ب : أو يكون.