اللسان ؛ لينطق بحوائجهم في الدنيا ، ويعرف بعضهم من بعض حاجته في الدنيا (١) ، ويدرك به الأزلي ، فإذا لم ينتفعوا بذلك أزال عنهم ذلك وسماهم العمي والصم والبكم ؛ ألا ترى أنه قال : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٨] لما لم ينتفعوا بذلك؟!
ألا ترى أنه إذ لم يدرك الأزلي والأبدي من ذلك سماه أعمى ؛ حيث قال :
(قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً) [طه : ١٢٥].
والحياة حياتان : حياة مكتسبة : وهي الحياة التي تكتسب بالهدى والطاعات.
وحياة منشأة : وهي حياة الأجسام ؛ فالكافر له حياة الجسد وليس له حياة مكتسبة ، وأما المؤمن : فله الحياتان جميعا المكتسبة والمنشأة فيسمى كلّا بالأسماء (٢) التي اكتسبها ، فالمؤمن اكتسب أفعالا طيبة فسماه بذلك ، والكافر اكتسب أفعالا قبيحة فسماه بذلك.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) :
هؤلاء قوم همتهم العناد والمكابرة [وإلا](٣) قد كان أنزل عليه آيات عقليات وسمعيات وحسيات.
فأما الآيات العقليات : فهي ما ذكر : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ...) الآية [الإسراء : ٨٨].
وأما الآيات السمعيات : فهي ما أنبأهم عن أشياء كانت غائبة عنهم ، من غير أن كان له اختلاف إلى من يعلمها وينبئه (٤) عنها (٥).
[والآيات الحسيات](٦) : هي ما سقى أقواما كثيرة بلبن قليل من قصعة (٧) ، وما قطع
__________________
(١) زاد في ب : وكذلك السمع ولأنهم ليس في تبعضهم من بعض حاجة في الدنيا.
(٢) في أ : كلا بأسماء.
(٣) سقط في أ.
(٤) في ب : وينبئها.
(٥) ومن ذلك حديث علي بن أبي طالب :
ينظر : البخاري (٦ / ١٦٦ ـ ١٦٧) كتاب الجهاد باب الجاسوس (٣٠٠٧ ، ٣٠٨١ ، ٣٩٨٣ ، ٤٢٧٤ ، ٤٨٩٠ ، ٦٢٥٩ ، ٦٩٣٩) ومسلم (٤ / ١٩٤١) كتاب فضائل الصحابة باب من فضائل أهل بدر (١٦١ / ٢٤٩٤).
(٦) سقط في ب.
(٧) ينظر : البخاري (١٢ / ٢٩٦) كتاب الاستئذان باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن (٦٢٤٦) وأحمد (٢ / ٥١٥) ، والترمذي (٤ / ٢٦٠) أبواب صفة القيامة باب (٣٦) (٢٤٧٧) ، وهناد في الزهد (٧٦٤) وابن حبان (٦٥٣٥) وأبو الشيخ في أخلاق النبي صلىاللهعليهوسلم (ص / ٧٧ ـ ٧٨) والحاكم (٣ / ١٥ ـ ١٦) ، وأبو نعيم في الحلية (١ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ، ٣٧٧) ، والبيهقي في الدلائل (٦ / ١٠١ ـ ١٠٢) عن أبي هريرة.