قلنا : قال قاضي القضاة وغيره من المتكلمين : الأفضل ترك النطق بكلمة الكفر.
وهكذا ذكر الزمخشري قال : لأن في الصبر إعزازا للدين ، وقد روي أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما : ما تقول في محمد؟ قال : رسول الله ، قال : فما تقول فيّ؟ قال : أنت أيضا ، فخلاه ، وقال للآخر : ما تقول في محمد؟ قال : رسول الله ، قال : فما تقول فيّ؟ قال : أنا أصم ، فأعاد عليه ثلاث فأعاد جوابه فقتله ، فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «أما الأول فقد أخذ برخصة الله ، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له».
قال الحاكم : وخالف الحكم في الآحاد حكم الأنبياء ، فلا تجوز التقية منهم بكتم الشرائع.
واختلف في الإمام : فمنهم : من جوز له التقية.
ومنهم : من يمنع إلا لقرينة.
وهذا الحكم له تتمات :
منها : أن الآية تدل على أن في الأفعال ما يكون كفرا ، إذ لو لا ذلك لما استثنى المكره.
قال الحاكم : وقال بعضهم : لا كفر إلا بالاعتقاد لا بالأفعال.
ومنها : أن يقال : هل شرط في حق المكره أن يعرّض ولا يطلق أم ذلك غير شرط؟
قلنا : ذكر الحاكم خلافا في هذا ، فقال بعضهم : إنما يباح له النطق بكلمة الكفر بشرط التعريض ، وكما لو قالوا له يقول بأن الله تعالى ثالث ثلاثة عرض بأن النصارى يقولون ذلك.
وقال بعضهم : لا يحتاج إلى التعريض ؛ وهذا هو الظاهر ؛ لأن الذين فتنوا لم يرو أن أحدا منهم عرض.