وذكر أبو مسلم وجهين :
الأول : لا تؤاخذ بفعل ولا تلام ، فإذا بلغت فما عليك تبعة من فعلهم ونحو ذلك : (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) [الإسراء : ٥٤].
والثاني : ما عليك أن تحزن عليهم.
قال الحاكم : ويدل على وجوب التفكر لقوله : (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) وخص من يخشى لأنهم المنتفعون بذلك ، وإلّا فهو تذكرة للجميع.
قوله تعالى
(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [طه : ٧]
المعنى وإن تجهر أو لا تجهر فاكتفى بقوله (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى). لدلالة الكلام عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
قال جار الله : وهو يحتمل أن يكون نهيا عن الجهر ، ويكون كقوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ) [الأعراف : ٢٠٥].
والمعنى : أن الله تعالى غني عن جهرك ؛ لأنه يعلم السر.
وإما أن يكون تعليما للعباد أن الجهر ليس لإسماع الله تعالى ، وإنما هو لغرض آخر.
وعن ابن عباس ، والحسن : السر : ما حدّث به غيره في خفية ، والذي هو أخفى : ما أضمره في نفسه ، ولم يحدّث به غيره.
وقيل : السر : ما يحدث به نفسه ، وأخفى : ما يريد أن يحدث به نفسه في المستقبل.
وقيل : (السِّرَّ :) العمل الذي يسره (وَأَخْفى :) الوسوسة : عن مجاهد.
وقيل : (السِّرَّ) إسرار الخلق ، (وَأَخْفى) سره الذي لا يعلمه أحد.