من خانك» وأجاز ذلك المؤيد بالله وأبو حنيفة من الجنس لهذه الآية ، ولقوله تعالى : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٩٤].
وقال المنصور بالله والشافعي : يجوز من الجنس ، وغيره لقوله تعالى في سورة الشورى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠] والعقاب من غير جنس السيئة (١).
المسألة الثالثة : وهي المسألة فيمن ابتدأ بالسب هل له أن يرد؟ قد تقدمت (٢) ، ورجح عدم الجواز ، فهذا ما يتعلق بقوله تعالى : (بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ).
وأما قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) فقد استدل بهذا على أن العفو عن الجناية مندوب ، ومن ترك المندوب فلا حرج عليه وإن فوّت فضيلة على نفسه ، فإن الله تعالى يعفو عن ذلك التقصير ويغفره.
وإنما قلنا : إن العفو مندوب ؛ لهذه الآية ؛ لأن الله سبحانه لما ذكر نصرته للمجازي لمن بغى عليه عقبه بأن مجازاته يعفو الله عنها ، ويغفرها وإن فرط في الأفضل والأحمد ، وقد صرح بالمشار إليه هنا بقوله تعالى : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) وبقوله تعالى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ
__________________
(١) والمذهب الأول إن تعددت المحاكمة جاز مطلقا واختاره الإمام يحيى في البحر وقوله جماعة من المشايخ. وجواز مطلقا إن تعددت المحاكمة على مذهب المنصور بالله تمت.
(٢) لعله يريد في قوله تعالى في آخر سورة يونس (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) وتقدم أيضا في قوله تعالى في سورة النساء (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) الآية وقد بسط القول فيها ويأتي في سورة الحجرات في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) أجاز على الحوار بأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم لحسان بن ثابت حيث علا وفد بني تميم وعلى الهجاء تمت.