تعالى الوجوب بقوله : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [النور : ٢] وفي قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [النور : ٢] وهذا على سبيل التهييج ، والتهاب الغضب لله.
قال جار الله : وفي الحديث «يؤتى بوال نقص من الحد سوطا فيقول : رحمة لعبادك ، فيقال له : أأنت أرحم بهم مني فيؤمر به إلى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقول : لينتهوا عن معاصيك فيؤمر به إلى النار». وعن أبي هريرة : إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة.
قال الحاكم : وقيل إن الخطاب لجميع المسلمين ، والمراد بذلك أن ينصبوا إماما يقوم بذلك ، فلما كان إقامة الإمام إليهم أضاف إقامة الحدود إليهم ، وصححه الحاكم ويتفرع على هذا إقامة السيد الحد على عبده ، وللعلماء فيه أقوال :
الأول : ـ مذهبنا ، والمنصور بالله ـ أنه لا ولاية للسيد مع وجود الإمام ، وله الولاية مع عدمه.
الثاني : ـ قول أبي حنيفة ـ لا ولاية له مطلقا.
الثالث : ـ قول الشافعي ـ له الولاية مطلقا ، وهكذا في النهاية : عن أحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور.
وسبب نشوء هذا الخلاف أن الأدلة المتقدمة قد قامت بثبوت ولاية الإمام على الحدود ، وذلك من غير مخصص ، ثم إنه قد ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ، فإن عادت فليجلدها ، فإن عادت فليبعها ولو بضفير» وفي السنن بظفيرة (١).
__________________
(١) والضفيرة الحقف من الرمل ذكره الجوهري.