أما لو ارتكب ما يوجب الحد ، ثم التجأ إلى الحرم فحكى علي بن العباس إجماع أهل البيت أنه لا يقيم عليه الحد حتى يخرج ، وهو قول أبي حنيفة ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يخرج ، ويكون هذا مخصصا بقوله تعالى في سورة آل عمران : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل عمران : ٩٧].
وقال الشافعي : إنه يستوفى منه ، وهكذا الخلاف في القصاص.
قال أبو جعفر : لا خلاف أن الأطراف تستوفى في الحرم ، أما لو ارتكب ما يوجب الحد أو القصاص في الحرم فقال أبو جعفر : قد هتك الحرم فيستوفى منه في الحرم ، وكلام أهل المذهب محتمل لذلك ولخلافه.
وأما الكلام عن النهي ـ المذكور بقوله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [النور : ٢] ـ فهذا أمر بالشدة ، وأن لا يلين ويترفق.
قال جار الله : وكفا برسول الله أسوة حيث قال : «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها».
قال الحاكم : عن مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، وسليمان بن يسار ، وابن زيد : المراد رأفة تمنعكم من استيفاء الحد.
وقيل : تمنع من الإيجاع الشديد : عن الحسن ، وسعيد بن المسيب ، والشعبي ، وحماد.
وهاهنا نكت :
الأولى : إذا تاب الزاني ، أو السارق ، أو الشارب ، فإن الحد لا يسقط على ظاهر المذهب : وهو قول أبي حنيفة ، وأصحابه ، وأحد قولي الشافعي بخلاف المحارب وقاطع الصلاة عندنا.